اقتباسات

0 145

أ. د. عبدالله محمد الأمين النعيم

“لقد كان زعماء حزب الأمة، والحق يقال، منذ أمد بعيد قبل وقوع الانقلاب غارقين إلى آذانهم في نشاط واسع بين صفوف الجيش لتدبير الانقلاب. ولقد أقنع عبدالله خليل السيد عبدالرحمن المهدي الذي كان معنياً بصفة خاصة بما جرى بأن نجاح الإنقلاب يؤدي إلى تنصيبه رئيساً لجمهورية السودان. وعلى هذا النحو أمكن الحصول على تأييده. ثم حصل على تأييد السيد علي الميرغني في اليوم التالي للانقلاب. وتأييد الزعيمين الدينيين للانقلاب كان بمثابة إشارة المرور لأنصارهما لسلوك نفس النهج… لقد فقد النظام البرلماني رونقه وروعته في أعين الجماهير. وألقى عبء الفشل الاقتصادي والسياسي على عاتق السياسيين المنتفعين منه.

  كان انهيار النظام البرلماني سبباً للرضا والحبور بدلاً من الأسف والأسى. وعارض الحكم العسكري منذ البداية كل من الشيوعيين وبعضاً من رجال الحزب الوطني الاتحادي. لقد عارض الشيوعيون، وبدرجة أقل شدة، أعضاء الحزب الوطني الانقلاب على أساس أن الاستيلاء على الحكم قد تم على يدي حفنة من الضباط التقليديين وليس على يدي مجموعة ثورية. وأعلن الحزب الشيوعي في 18 نوفمبر 1958 أن الانقلاب الذي جرى صباح 17 نوفمبر لم يكن متجاوباً مع مطالب شعبنا ومصالحه ولم تكن ثورة الجيش جزءاً من التحولات الوطنية الديمقراطية ضد حكم الإقطاعيين والاستعماريين بل كان تسليماً سلميا للسلطة من يد عبدالله خليل لقيادة الجيش.

  بيد أن معارضة الحكم العسكري لم تكن واسعة الانتشار، ذلك أن عدم اقتناع الجماهير بالأحزاب السياسية من جراء عدم قدرتها على إقامة حكومة مستقرة وقوية، فضلاً عن الفساد الذي استشرى والتدهور الذي أصاب الحياة الاقتصادية، قد أغرى الرأي العام بتأييد الحكم العسكري أو على الأقل على  التردد في معارضته. ولعل مما شجع على ازدياد التأييد للنظام الجديد إعلان الفريق عبود بأن الجيش سيعود إلى ثكناته حالما يتم القضاء على المخاطر الخارجية. ويتم خلق البيئة الملائمة للاستقرار السياسي والاقتصادي التي طال الأمد على التعلق بها والتشوق إليها بيد أن ذلك الإعلان لم يكتب له التنفيذ ”  محمد عمر بشير: تاريخ الحركة الوطنية في السودان، ص229_230

Leave A Reply

Your email address will not be published.