رحل القمر دورين
مهند المقبول
يا قمر دورين أنا شُفتك وين؟
طبعاً في الليل.. في ضفاير النيل
إنه المُغني لهذه الأبيات الجميلة عبد الكريم عبد العزيز محمد “عبد الكريم الكابلي”. كان ميلاده ببورتسودان عام 1930م.. والدته صفية ابنة الشريف أحمد محمد نور. والدها من أشراف مكة الذين هاجروا إلى المغرب ثم جاءوا إلى السودان لنشر الدعوة الإسلامية.
(القمر دورين) ظهرت موهبته الفنية وهو في المرحلة المتوسطة، وفات بذلك الكبار والقدرو. هكذا كانت إفادات أستاذه في المدرسة بالمرحلة المتوسطة الأستاذ/ ضرار صالح ضرار.
والراحل المقيم (القمر دورين) أستاذ الأجيال الكابلي جادت أغنياته وكلماته شارحة لنهج حياته وكأنه منذ ذلك الحين أراد أن يوثق لحياته؛ فكان نهجه هكذا كأغنياته نغم رنان وستبقى ذكراه فينا كصدى الأجراس المحزونة..
القامة الفنية الأستاذ الكابلي من الفنانين القلائل الذين أجمع الناس على حبهم؛ بمختلف أعمارهم وأجيالهم.
عارفك ساحر أزمان قبالييا روح سر الأزمان غنى للوطن فأجاد؛ فكان أوبريت سودانية، وسيظل أيقونة للوطنية، ولحب الوطن والذي لو لم يغني سواه لكفاه. فكان صوته في هذا الأوبريت الوطني يجسم كل المعاني الوطنية السامية والتي خطها يراع الأستاذ الشريف الهندي.
وكما كتب (القمر دورين) الأستاذ الكابلي للمحبوبة فأبان:
كلميني يا مرايا شايفك طربانة
حكوا ليك حكاية ولا كنت معانا؟
كما عكس سفير النوايا الحسنة معرفته الكبيرة لأصول التصوف، وتجلى ذلك من خلال كلمات الأستاذ/ محمد المهدي المجذوب في قصيدته الخالدة (ليلة المولد) وأيضاً على الصعيد الشخصي لا أُخفي إعجابي برائعة الشاعر الكبير الحسين الحسن (حبيبة عمري) والتي جسم وجسد فيها كل ملكاته القنوتية المهولة:
حبيبة عمري تفشى الخبر
وذاع وعم القرى والحضر
وكان الأستاذ الكابلي يمثل لنا الفنان والشاعر والملحن والباحث في التراث وسفير النوايا الحسنة والمقدم البرامجي المتفرد بثقافته واطلاعه.
ومن حيث ندري ولا ندري جاءنا نعيه وبصوت صديقه وخلة ورفيق دربه الدكتور عمر الجزولي فكان وقعه على الناس كالصاقعة ولكن لا راد لقضاء الله.
آه آه.. يا حلو يا فرحة أيامي الغلويا
لون جميل من أولو
واتجمعت كل الطبائع وقالوا ليك طبعك براك هاك أعزلو
الحديث عن الفقيد ذو شجون. ولكننا نختم قولنا هذا بالدعوة له بالرحمة والمغفرة وأن يلهم الله آله وذويه وعارفي فضله الصبر والسلوان.
ومن هذا المنبر الثقافي وهذه الولاية الرائدة والتي تهتم بالإبداع والمبدعين، نلتمس من القائمين على الثقافة والإعلام بأن تحمل أحد دور الثقافة اسم الراحل..
وإنا لله وإنا إليه راجعون..