جامعة الجزيرة تُسيّر قوافل للتوعية بالعادات الضارة بشرق الجزيرة والحصاحيصا
واصلت عمادة شؤون الطلاب بجامعة الجزيرة؛ تسيير القوافل التوعوية بالعادات الضارة ممثلة في ” خفاض الإناث وزواج القاصرات” وذلك بالتعاون مع منظمة اليونيسيف.
واستهدفت القوافل في ١٧- ١٨ ديسمبر الجاري؛ منطقتي ” أم شانق حاج إبراهيم” بمحلية شرق الجزيرة، و” تُورس” بمحلية الحصاحيصا في ظل تنامي الحاجة لمناهضة هذه الظواهر عبر برامج التوعية نظراً لحاجة المجتمع إليها.
وناقش أعضاء القافلة من طلاب وطالبات كلية الطب، وكلية العلوم الطبية التطبيقية مع مكونات المجتمع المحلي قضية زواج القاصرات والطفلات، ومعاناة المجتمعات الريفية من الفهم المثقل بالعادات والتقاليد، وضرورة أن تستوعب الأم أنها يجب ألا تُختن بنتها في ظل سيطرة المعتقد بأن الختان يقي الفتاة من التعرض للتحرش الجنسي وغيره من الممارسات.
وأكدوا ضرورة تبصير القابلات من اللائي يمارسن هذا العمل في الخفاء بخطورة هذا الأمر لاسيما وأنه أصبح يمارس في جوف الليل وبعيداً عن الأنظار، لأن إجراء هذه العمليات بالليل ربما يعرض الطفلة لخطر النزيف إذا عانت القابلة من إشكالاتٍ في النظر، أو كانت في عجلة من أمرها لختان مجموعة من البنات قبل انكشاف الأمر.
فيما تناول المختصون قضية بتر وتشويه الأعضاء التناسلية، وزواج الأطفال من المنظور الديني، والصحي، والقانوني والنفسي..

وأكد الدكتور قيس محمود حامد عميد شؤون الطلاب بجامعة الجزيرة، على ضرورة استئصال عادات ختان الإناث وزواج القاصرات ثقافياً وإجتماعياً وتشريعياً، مبيناً أن دور الجامعة عبر الشراكات مع المجتمعات المحلية يوجه للعمل على خلق وعي متقدم بضرورة محاربة العادات الضارة داعياً لبث هذه الرسائل وسط المجتمع ..
وجدد التزام الجامعة بحمل هموم المجتمع وتبني قضاياه وتعزيز الشراكة، ودعا للرجوع لتاريخ الممارسة وأسبابها كبداية للإستئصال ..
ورأى أن خفاض الإناث وزواج الطفلات مبني على قضية الهروب من المسؤولية المباشرة نحو التربية السليمة وتقليل فرص الإنحراف وعدّها مسؤولية مجتمع مضيفاً أن ثمة ضغط يمارسه المجتمع تجاه الفتاة السليمة ما يتطلب ضغطاً عكسياً لتحقيق التوازن وترجيح الكفة ..
وطالب بضرورة عدم ترسيخ عاداتٍ تظهر تبعاتها مستقبلاً .. ونادي المجتمع بتسجيل إعتراف بتقصيره في ظل وجود هذه العادات غير المبررة دينياً وطبياً وذات الآثار الوخيمة على بنية المجتمع والأسرة وصحة الأطفال ..

فيما أشار د. آدم الرضي عميد كلية تنمية المجتمع، إلى تأسيس جامعة الجزيرة على هدف “خدمة الريف”.. وإنشاء كلية خاصة لأغراض التنمية والتطوير، ومحاربة العادات الضارة المنتشرة والمتجذرة بكثيرٍ من المجتمعات وفي مقدمتها خفاض الإناث، وزواج الطفلات لما نجم عنها من آثار صحية، واجتماعية، ونفسية استدعت مكافحتها.. وتعهد بأن تعمل الجامعة والكلية عبر مركزها التوعوية والتعليمية على ديمومة المكافحة لضمان استقامة المجتمع.. لافتاً لأهمية التزام المواطنين بالبرامج التوعوية..
وأضاف أن أول كلية مجتمع بجامعة الجزيرة أُنشئت في العام 2004م كأول فرع في السودان، مشيراً الى أن الكلية تعمل حالياً من خلال 14 فرعاً منتشرة بمعظم محليات ولاية الجزيرة وتدار الفروع بواسطة منسقين ومدربين من القيادات المحلية ، مما أسهم إيجاباً في دعم وتفعيل أنشطة الكليات وسهولة تنفيذ البرامج .

من جانبها استعرضت دكتورة تسابيح مصطفى الطيب الأستاذة بكلية الطب جامعة الجزيرة، أنواع الختان الممارس ضد الأنثى لافتة إلى أن عملية بتر الأعضاء التناسلية تترتب عليها صدمة نفسية كبيرة للأطفال تصل في بعض مراحلها للإغماء بجانب حدوث مضاعفات حادة كالنزيف والإلتهابات في مكان الجرح إضافة لإحتباس البول ومشاكل في الحوض قد تقود للعقم فضلاً عن تأخر الدورة الشهرية ..

فيما قطعت د. إنشراح مصطفى إختصاصي نفسي بأن بتر وتشويه الأعضاء التناسلية للأنثى وزواج الأطفال يعتبر خطاً أحمر يجب مكافحته والتعامل معه بقدر كبير من الحذر مشيرة الى سيادة حكم العرف في المجتمع على الدين وأرجعت أغلب الجوانب والمشكلات النفسية للتمسك بالعرف وذكرت أن ما تتعرض له الطفلة من صدمة نفسية أثناء إجراء عملية البتر والتشويه يؤدي لحدوث خلط في المشاعر.
وأشارت الى أن تأثير عدم الإنسجام النفسي المترتب على تعثر الممارسة الجنسية بسبب مضاعفات الختان قد يؤدي الى إرتفاع حاد في حالات الطلاق، ونوهت للإرتفاع المضطرد في حالات الطلاق بسبب زواج الأطفال، وقالت إن هذا النوع من الممارسات ينبني على الدخول ضمن مبدأ (المسايرة) لإرضاء المجتمع.
ودعت الى ضرورة فتح حوارات جريئة داخل المجتمع والمبادرة لوقف هذه العادات الضارة واستئصالها وصياغة القوانين التي تُجرم هذه الأفعال وإسنادها شعبياً..

ورأى الشيخ عاطف أحمد حاج علي مدير العقيدة والدعوة بمحلية مدني الكبرى؛ في الختان فِعل يُضِرُ بالمجتمع مستشهداً بقاعدة (لا ضرر ولا ضرار) مؤكداً أنه أمر لم يسكت عنه الدين والقرآن الكريم بدليل قوله تعالى : (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ).. واعتبر أن المولى عز وجل قد خلق الإنسان في أحسن تقويم لافتاً إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان من المبادرين والمنادين بتحريم ختان الإناث.
وكشف عن ورود أربعة أحاديث في شأن الختان وقال إن الختان عادة جاهلية حيث لم ير النبي صلى الله عليه وسلم مدة إقامته بمكة 13 عاماً بنتاً تُختن ولكنه وجد الختان وسط اليهود بالمدينة تمارسه “أم عطية” وقد تعامل معه بالتدرج على نحو الخمر ..

وأكد د. صالح إدريس حمد المستشار القانوني أن عادة خفاض الإناث تُصنف (جريمة) واعتبر القانون هو الأساس الذي يُنظم علاقات المجتمع بالظواهر حوله والأشياء التي يراها غير (سليمة) يضع لها الضوابط والجزاء ..
وأشار إلى أن التفكير في قانون يمنع خفاض الإناث بدأ منذ القرن الماضي في العام 1900 حيث وضع الاستعمار أول قانون لمنع الجرائم الماسة بسلامة الإنسان وذلك في العام 1925 تلاه صدور قانون آخر في العام 1945 يمنع ختان الإناث ويُجرّم الشخص القائم به والشخص الذي قاد الضحية، وأضاف في العام 2010 تم إدراج مادة تحاسب على ختان الإناث في قانون حماية الطفل غير إنه حدث خلاف حوله في البرلمان.
وأكد صالح أن الذي يرتكب هذا الفعل من غير دواعي طبية يعرض نفسه للمساءلة والعقوبة التي تطال الطبيب أو الداية والأم حيث تم النص في أبريل 2020 على جريمة الخفاض في المادة 141 في القانون الجنائي لسنة 1991 حيث يُعرّض كل من يُمارس الختان نفسه للعقوبة بما لا يقل عن ثلاث سنوات سجن مع إغلاق مكان الجريمة، وسحب ترخيص مزاولة المهنة..







