ظاهرة تفشي المعاكسات.. مخالفة للشرع وإفساد للمجتمع
بحثت فى الظاهرة : فاطمة الرشيد حسين
تعد المعاكسات واحده من أخطر وسائل جلب الفساد، ونشر الفاحشة في المجتمعات، ومؤخراً كثرت الشكوى والأضرار من هذا السلوك داخل الأسواق، وفي الشوارع، وفي أماكن العمل حتى عبر الإنترنت، وتنوعت الأساليب المستخدمة بشكل كبير ومبالغ فيه.
وقد تطرق الداعية عضو لجنة التوعية الإسلامية في إدارة الحج محمد بن عمر السائح في إحدي الإصدارات إلى موضوع المعاكسات موضحاً النظرة الشرعية والتوعية مع إيجاد علاجات شافيه لأضرار هذه الظاهرة.
يقول الإمام محمد السائح: المعاكسات ما هي إلا ظاهرة منحرفة عن تعاليم ديننا، وعادات مجتمعنا، وشيمنا العربية، ومكارم الأخلاق، وإنتهاك للحقوق، وتعكس مدى الإنفلات الديني، والتربوي، والاجتماعي لكل مجتمع متجرد من الحياء والخجل.
** مسؤولية انتشار المعاكسات وأسبابها:
مرجعها ضعف الوازع الديني، وعدم القيام بالمسؤوليات تجاه الأبناء والبنات من قبل الوالدين أحياناً، والمعلمين والمعلمات بمختلف المراحل التعليمية، فخروج الفتاة مع عدم التزامها بالحجاب الشرعي يعرضها لخطر (السفهاء) حيث تغري رواد المعاكسات، ومما زاد (الطين بله) التقنية الحديثة التي زادت من هذه الظاهرة المقيتة.
وهنالك أسباب كثيرة تدفع شبابنا للتهافت على المعاكسات والتسابق إليها مع الأسف منها الجهل بالدين، وعدم الخوف من الله، وضعف الإيمان، ومصاحبة قرناء السوء، ومنها الفراغ مع رغد العيش والأمن، وأيضاً ما تبثه القنوات الفضائية، والمجلات، ووسائل الإعلام المختلفة من قصص وأحداث تغري الشاب بالتجربة.
وأيضاً سوء التربية، وعدم توجيه النصح الكامل من قبل الآباء للأبناء، واعتبار أن المعاكسات أمر عادي يقوم به للترفيه عن أنفسهم وكذلك البطالة تؤدي إلى الكثير من السلوكيات والتصرفات “اللامعقولة” وغير المتزنة اجتماعياً.
** أخطارها:
حرم ديننا الإسلامي المعاكسات لما تتضمنه من الممارسات المحرمة، كما أن من مقاصد الدين الحنيف حفظ الأعراض من هذه التجاوزات التي تتضمن مضار ومفاسد كبيرة عامة وخاصة ما يترتب عليها من عقوبات في الدنيا والآخرة، وهي تعكس نظرة المجتمعات الأخرى للمجتمع المسلم، المفترض أن يكون مثالياً، وما يصدر من انتشار ظاهرة مثل تلك تكون سبباً كبيراً في شيوع الفاحشة كما يصاحب إفساد الأسرة وانتشار أسباب الطلاق وتشتت الذرية، وقد تؤدي هذه الظاهرة إلي إراقة الدماء، وقتل الأنفس المعصومة كما في قضايا الشرف فيتحمل وزرها من بدأ بها.
** انحراف أخلاقي:
وقد عبر العديد من الفتيات عن استيائهن، وغضبهن من المعاكسات التي أرجعنها لانحراف أخلاقي لهؤلاء الشباب، مشيرات إلى أن البعض منهم لا يأبه حتى إن كانت الفتاة بصحبة أبيها أو أخيها ويتمادون في المعاكسات حتى في الأماكن العامة.
وتقول (إسراء عبد الخالق) خريجة علم نفس: أن هنالك بعض الفتيات يتجاوبن مع معاكسات الشباب، بل هناك نسبة ليست قليله تقوم بمعاكسة الشباب ويرجع تصرفهن هذا لغرضين: الأول: أن يعثرن على الزوج المناسب لهن جاهلات، فإن ما يبدأ بخطأ ينتهي بخطأ أكبر، والثاني: التسلية وتمضية وقت الفراغ بسماع حلو الكلمات التي قد تكون محرومة من سماعها وتقليد الأخريات من رفقاء السوء والتنافس في استقطاب الشباب فيخضعن لوساوس الشيطان التي تجعلهن يتجاوبن مع محادثات الشباب ويتقبلنها ويستحللن ذلك.
وذكرت (سعاد عبد المنعم) معلمة: أن آثار المعاكسات متعددة وكثيرة فمن يقوم بمثل تلك التصرف يعتبر شخصاً مضطرباً نفسياً واجتماعياً وفاقداً للكثير من القيم التربوية والأخلاقية وممارسته للمعاكسة تزيد من ضياعة وهدم مستقبله وتؤثر سلباً علي شخصيته.
وقد اتفقت معها في القول أيضاً (هاجر الصادق) طالبة جامعية وأضافت قائلة: أن من آثارها وسلبياتها أنها ذات عواقب وخيمة في الآخرة، أما في الدنيا فهي تجعل المعاكس شخصاً لا يثق بمن حوله ويشك بدرجة كبيرة جداً.
ويري الداعية السائح أن علاج هذا المرض والقضاء عليه يجب أن يتم استئصاله من المجتمع كي لا تزيد أضراره على الحياة الاجتماعية والتربوية والأخلاقية، فالأمر يحتاج مجهود متكاتف وأن تتضافر الجهود في القضاء على الأسباب، ومن أبرز العلاجات النافعة تقوية العلاقة بالله، وتقوي مراقبته، وتعظيم قدره، وتعميق مرتبة الإحسان في القلب، فمن اتقى الله باجتناب المحارم وأسبابها وقاه وحفظه، والبعد عن أسباب الإثارة للظاهرة من مسموعات ومشاهدات ومقروء، وترك مصاحبة رفقاء السوء، والحرص على مصاحبة الأخيار، وأيضاً عدم العزلة عن الناس، والحرص على قضاء الأوقات بما يعود علينا بالنفع، ومتابعة الوالدين للأبناء والبنات والأزواج مع زوجاتهم، وعدم الانشغال والغياب عنهن وتعزيز الجانب الأخلاقي والتربوي فيهن مع زرع الثقة.
** من المحررة:
إن كل فرد يتلذذ بفعل المعاكسات، ويستمتع بما حرمه الله، ويسعد بإنتهاك وجرح الآخرين، يجب عليه أن يعلم جيداً أنه: (كما تدين تدان) وإن الجزاء من جنس العمل، فكما تعتدي على حرمة غيرك فإن هنالك من سيتعدى على حرمتك، كما أنك لا تعلم فالله لا يترك حق عباده في الدنيا ولا في الآخرة، فيجب الاستيقاظ من هذا الضياع، واستشعار مراقبة الله ومخافته، واجتناب ما نهى عنه، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، فالنحافظ على عرض وشرف غيرك، وأنه عن المنكر، وساعد في وأد تلك الظاهرة الفاسدة لتنهض بنفسك وبمستقبلك في مجتمع ملئ بعبق المسك من الأخلاق والقيم الحميدة.