إضاءة.. ارحموا المرضى

0 125


د. آمنة الطيب

توفير الدواء ينبغي أن يمثل أهمية قصوى في اهتمامات الدولة؛ فالعقل السليم في الجسم السليم.. والجسم السليم هو ذاك الجسم المنتج المعطي..

هناك انعدام لكثير من أدوية الأمراض المزمنة بصيدلانيات التأمين الصحي، فحامل الروشتة بسم الله يبدأ رحلة البحث عن الدواء بصيدلية التأمين المركزية قُبالة مستشفى ود مدني يأخذ دوره في الصف تحت الشمس مباشرة..

ويجلس من خارت قواه وأعياه الوقوف زيادةً فوق ألمه فيجلس على الأرض مباشرة أو على حجر أو عتبات الصيدلية..

ويتهلل وجهه ويعطيه الله قوة عند سماع اسمه فينهض مسرعاً لدخول الصيدلية والتي لا يزيد عدد الصيدلانيات مقدمات الخدمة فيها عن اثنتين يجلسن أمام أجهزة الحاسوب، وداخل الصيدلية أيضاً صف والسعيد من المرضى يجد علاجه وقليلُ ما هم.

فغالبية من قدموا روشتاتهم تم تحويلهم لعدم توفر الدواء وللأسف بالمركزية لتبدأ رحلة عذاب البحث عن الدواء..

وكنت أنا من غير السعداء الذين تم تحويلهم فاتجهتُ وغيري كُثر غرباً ووجدنا صفاً بصيدلية عزة، وهي صيدلية خاصة تعمل بالتأمين، وكان الصف أمامنا فأخذنا دورنا حتى منّ الله علينا بدخول الصيدلية..

وبعد الصف داخل الصيدلية وصلنا مقدمي الخدمة لتجيء الطامة الكبرى بعدم وجود الدواء بالصيدلية ويمكننا البحث عنه في الصيدليات التي تتعامل بالتأمين الصحي..

فدلفتُ وكثير معي لصيدلية الوئام ثم صيدلية ود مدني ثم اتجهت جنوباً للصيدلية الشعبية وعلمت ممن معي أن صيدلية السودان، وصيدلية البلد وصيدلية المك تتعامل مع التأمين وحملت تحويلي واتجهت شرقاً بعد أن اكملت صيدليات الغرب كلها دون جدوى ودخلتها كلها كانت مكتظة الصفوف وصدقوني لم أجد قطر عيني وهي من نوع قطر الأمراض المزمنة (ضغط العين) قطرة مرطبة وأخرى خافضة للضغط..

أردت من هذا السرد التفصيلي أن تتخيلوا معي مدى معاناة المرضى في البحث عن الدواء في ظل شتات الصيدليات التي تتعامل مع التأمين الصحي، فأنا مرضي خفيف وأقوى على البحث فكم من مريض لا يقوى على البحث حتى بصيدلية واحده..

نعم نحن كالجسد الواحد نتداعى إذا اشتكى منه عضو ولكن أحسب أن هذا الشتات يرهق المواطن والدولة معاً إذ كيف لمريض مثلي أو مرافق لمريض أن يقوى على عملٍ في ذات يوم مشقة البحث عن الدواء..

وأردت أيضاً أن تلتفت إدارة التأمين الصحي الجديدة لهذه المشكلة والتي ألقينا عليها الضوء مراراً، وأن تحل حلاً جذرياً، وأن نرحم عباد الله..

وهنالك العديد من المعطيات السهلة والتي في متناول اليد فمثلاً لماذا لا يتم تشبيك الصيدليات المتعاملة مع التأمين الصحي وربطها بالمركزية لتوضيح عينات الأدوية عندها، ويوجه المريض مباشرة من المركزية ليجد المريض المحول الدواء عندها مباشرة ونجنبه مشقة الدخول من صيدلية و الخروج لأخرى .

ولماذا لا توسع الصيدلية المركزية بدل غرفة صغيرة وطالما أن بإمكان التأمين السداد للصيدليات المتعاونة معه فلماذا لا يقوم بجلب الدواء بذاته…

ولا أدري لمن تتبع الصيدلية الشعبية فلماذا لا تتبع للتأمين الصحي فهي في ثبات عميق وفوق هذا وذاك فلا ننكر محاسن التأمين الصحي وتوسع مظلته وخدماته في مجالات الكشف، الفحص ،الصور ، الأشعة فمكابرين نحن أن لم نذكر المحاسن ومقصرين أيضاً أن لم نبرز المساوئ.

Leave A Reply

Your email address will not be published.