عبادة شو

0 131

د. إيهاب السرمحمدإلياس

يا لعظمة الإسلام، ويا لروعة هذا الدين الخالد، أحمد الله في أي لحظة من لحظات حياتي أن جعلني مسلماً لا أبالي بعدها، كل دقة قلب وكل خلجة من خلجاتي تشكر الخالق سبحانه وتعالى أن اصطفانا باعتناق دينه الحنيف وطريقه القويم.. قد يصيب قلبي الصدأ وإن القلوب لتصدأ.. قد يصيب عباداتي الوهن وقد تشوب اعمالي بعض مطامع الدنيا (أم بنايةً قش) كما يقول أهلنا الطيبون، لكني في الختام انتظر الوعد الحق، انتظر الغفران وأترقب الجائزة الكبرى شفاعة النبي الحبيب المجتبى صلى الله عليه وسلم عندما يقول الجميع نفسي نفسي ويقول هو أمتي أمتي..

أعظم أنواع العبادات في هذا الدين القويم ما كان في الخفاء وفي السر بين الخالق الجبار وبين المخلوق الضعيف، هو من يطلع على خفاياك، وعلى أسرارك ونواياك الطيبة وسريرتك نقية كانت أم متسخة هو من يراقبك في الخلوات ويقرأ دواخلك ومشاعرك وأحاسيسك.

تأمل معي أعظم العبادات أجراً ما كانت هي في الخفاء وغلفتها السرية التامة. الصدقة أعظمها أجراً ما قدمته بيمينك ولا تعلمه شمالك ومتى ما أفشي سرها صارت ضرباً من الرياء.

أنظروا أحبتي ونحن هذا في الشهر الكريم ما أعظم عبادة الصوم فوحده سبحانه وتعالى يعلم صحة صومك من عدمه.. هو من يعلم هل لك من صومك إلا العطش والجوع فقط؟ أم أنه صوم حقيقي يؤهلك أن تدخل عبر باب الريان وتنال جائزة الصوم في الآخرة؟

من أعظم العبادات أيضاً قيام الليل في لحظات الهزيع والبشر يستلذون بطيب المرقد والوسائد الناعمة وأنت ساهر ساجد تناجي خالق يتنزل للسماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل يطلب بجلالة وعظمة قدره ورحمته قائلاّ: هل من داع أستجب له؟ أي ملك من ملوك البشر يأتي للمملوك في مكانه ويطلب منه أن يدعوه فيستجيب له؟ انها لحظات مهيبة ساحرة عنوانها المقل الوطفاء الحبيسة بالدمع السخين.

لكن وما أقسى لكن هذه! أفرغت هذه العبادات في زماننا العجيب هذا من محتواها.. عباداتنا ياسادة صارت نوعاً كما يقول الخواجات نوعاً من (الشو) أضحت للأسف سيلفي بالقرب من الكعبة المشرفة وصور عبر الواتس اب.. دعوات للختمة ودعاء للميت عبر الإيمو والفيس بوك العمرة في الأنستغرام والإحرام في تويتر وسجدات شكر في ملاعب كرة القدم عبر الشاشات البلازمية.. عبادات سطحية مليئة بالرياء والتفاخر والشو لاطعم ولالون لها ولا رائحة.

متى نعود أحبتي لتعاليم ديننا السمحة.. وننقي عباداتنا من هذه الشوائب وهذه السطحية التي المت بها والتي تلتهم الحسنات التهام النار للهشيم.. متى نخلو بالخالق في قلب الليل.. نركع ونسجد بين أنهار الدموع وبين رجاءات الخوف والغفران؟ متى تعود لنفوسنا لحظات الصفاء والنقاء والجمال وتزدان قلوبنا وسرائرنا بلباس التقوى والورع متى؟ حقيقة لا أدري!!..

Leave A Reply

Your email address will not be published.