ارتفاع الأسعار واحتياجات الأسر.. جدلية لا تنتهي

0 165

إستطلاع / شاهندا جومو مليط

نقاش صباحي إعتاد عليه أصحاب المحلات التجارية مع ربات المنازل، فصاحب المحل لم يعد يتخوف من أي إعلان زيادة ما على سلعة ما، بينما النساء تعلو أصواتهن بصراخ (سجمي! كر علي! متين الكلام ده؟ أمبارح القريبة دي أنا ما اشتريتها)، قبل أن يدفعن ثمن السلعة في حالة من القهر واليأس. ومن ثم تعود بما تبقى لديها من مصاريف مرددة: نسوي شنو؟ أما التاجر فيواصل عمله وهو يدافع بمبررات شكلية مسوغاً إرتفاع الأسعار بأنها من الإجمالي، وتدير معظم النساء ظهورهن عائدات للمنزل قبل أن يكمل التاجر أو صاحب المحل حديثه نسبة لعدم الرضا بهذه الزيادات.

وقالت يسرا حمزة- خريجة- والله أصبحت العيشة صعبة وكل متطلبات الحياة اليومية أصبحت غير متواجدة في يد المواطن ذو الدخل المتوسط، ناهيك عن الدخل المحدود. والمواطن الذي يعيش على رزق اليوم. وأكدت أن أكثر الفئات التي تعاني من غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار هم ربات المنازل، فالواحدة منهن تأخذ مصاريفها اليومية على أساس أن تدخر منها ولو القليل، لكن أصبح الوضع مختلفاً من ذي قبل، وأصبحت مصاريف اليوم غير قادرة على صنع وجبة متكاملة، فالواحدة عندما تاخذ مصروفها اليومي وتبدأ بشراء احتياجات الأسرة اليومية، تجد نفسها قد قضت على المصروف من غير اقتناء وجبة غذائية متكاملة، وإضافة إلى ذلك يدخل في المصروف اليومي مصاريف اليوم السابق لتحضير وجبة متكاملة، واللجوء إلى إضافة مرقه الدجاج بدلاً عن اللحوم والخضروات، وأصبحت معظم البيوت السودانية تعتمد على مرقة الدجاج.

وبالنسبة للفاكهة، فقد أصبحت مادة ترفيهية بالنسبة للأسرة، وكذلك الكيك أو مستلزمات الفرن هي وجبات ترفيهية، واليوم الذي يُصنع فيه نوع من هذه الأطعمة يكون هنالك ضيف غير عادي، أو مميز، ومن ناحية الخروج من المنزل أو زيارة الأقارب، فالمرأة إذا أرادت أن تزور أهلها ولديها أكثر من طفل، تحمِل هم الموصلات وتلغي الفكرة.

وشكا مصدر فضل حجب اسمه من غلاء المعيشة، مؤكداً أن الوضع الحالي أصبح لا يحتمل، حيث يتركز الهم كله في الإفطار والغداء، وقال إن حياتهم أصبحت بدون أي  جدوى، ففي الماضي القريب كان الرجل أو رب الأسرة وحده يتحمل مصاريف العائلة، ولكن وضعنا الحاضر المنزل بأكمله يعمل والأطفال يقومون بأعمال هامشية، والأم نفسها تعمل من أجل لقمة العيش، وهذا يتسبب في انهيار الأسر، وقد يؤدي إلى تفككها، وهذا ما يجعل المجتمع أمياً وجاهلاً وغير متعلم ونادراً ما يتناقشون في التطورات العلمية، أو المستحدثات في العلوم وكيفية تطوير أبنائهم، فأصبح من أولويات الأسرة كيفية العيش والمأكل والمشرب، بل وأشغلت الأطفال أيضاً عن الدراسة؛ فالطفل أول شي يقول أين مصاريف مدرستي لذلك أصبح همهم الأول والأخير مصروفهم اليومي مما جعل هنالك تدنياً في المستوى الأكاديمي.

وأكدت زينب عبد لله ربة منزل أن الوضع الراهن للأسعار الجارية غير مناسب مع المصروف اليومي، فالدخل أقل بكثير من المنصرف، وليست هنالك علاقة بينهما. مضيفة: أن الاحتياجات اليومية البسيطة لم تعد في متناول اليد خاصة للأسر ذات الدخل المحدود، وقد أصبحت المهنة (دائرة مفرغة) ما بين المرتب والديون وغلاء المعيشة، وهذا الوضع حتماً سيؤدي إلى انهيار التعليم في المستقبل القريب.

 وتابعت: أصبحت الحياة رتيبة فالمرأة تخرج للعمل لتلبية أبسط متطلبات الحياة اليومية ناهيك عن الأمراض وغيرها، وأصبح الجسم فاقداً للقيمة الغذائية، وتعتبر الفاكهة مادة ترفيهية عند اللزوم أو عند المرض وأيضاً مع صرف المرتب يمكن أن يأتوا بكيلو واحد من الموز، كما يؤدي ذلك إلى عدم تناول الأطفال للبن وهذا ما يسبب مشاكل مستقبلاً من نقص الكالسيوم وغيرها من الأمراض.

وتضيف: هنالك تضحيات من أجل تحسين الدخل اليومي للأسرة وهذا ما يُحدثُ نوعاً من عدم الاستقرار، مبينة أن زيادة التعريفة تشكل عائقاً بالنسبة للمواطن خاصة الأسر التي لديها أبناء يدرسون في مستويات مختلفة فمنهم من يضحي من أجل الصغار لكي يتعلموا وهذا ما يؤدي إلى زيادة نسبة الجهل في المجتمع، هذا بالإضافة للإيجار الذي لا يحتمل فكثير من الأسر باتت تتنقل من مكان لآخر وذلك يؤثر سلباً على مستويات الأطفال، والجميع يتجه نحو العمل من أجل لقمة العيش تاركين الاهتمامات الأخرى وهذا ما قد يؤدي إلى فشل هذه الأسر .

سلع استهلاكية
Leave A Reply

Your email address will not be published.