المبادرة التوعوية “التلاتة حبات ما علاج للنزلة والملاريا بفحصوها ما بحسوها”

0 842

مريم عثمان تمنجة

الصيدلي البصرف ليك مضاد حيوي أو حبوب ملاريا من غير روشتة، أو فحص، ده ما في فرق بينه وبين السمسار، وبين تاجرات حبوب أبو نجمة والجلخ، التلاتة همهم جيبك، المشكلة إنهم بيكضبو عليك شان يقنعوك إنهم على حق، وإنت يا العشاء بي لبن بتصدق..

دفع الله عبدالرحيم دفع الله

إن نجاح الرسائل الصحية يعتمد على ضمان توصيلها بدقة وبشكل سليم ووفق قالب صحيح للفئات التي تحتاجها وبأسلوب مبسط وواضح، وهناك مؤشرات تُبين وعي المجتمع وتطبيقه لشعار مجتمع واعي”..

وفي سياق المبادرة التوعوية (التلاتة حبات ما علاج للنزلة)؛ يقول ممثل المبادرة دكتور صيدلي دفع الله عبدالرحيم دفع الله أنها نبعت من صيدليات المجتمع، وطبيعة العمل الصيدلي كأكثر الكوادر الطبية التي  يتعامل معها المريض ويتردد عليها لأنها بدون قيود، وسهولة طلب مضادات حيوية بكل أنواعها من غير فحصٍ، والصرف العشوائي للمضادات الحيوية يعرِّض الإنسان لخطر أكبر وهو اكتساب المرض مقاومة وعناداً تجاه المضاد ما يُصعب القضاء عليه وهذا من أكبر أسباب الوفيات..

 وعليه كان لا بد من إقامة نقلة توعوية تثقيفية  بمخاطر الاستخدام العشوائي للمضادات الحيوية وأثرها على المريض؛ فكانت البداية خفيفة من أسهل مضاد حيوي في نطقه، وفي سهولة المريض لطلبه؛ لذلك كان هو أكثر المضادات الحيوية شيوعاً بين الناس وأنه يعالج النزلة وهو مضاد: “التلات حبات” ومن هنا  كانت بداية توعيتنا.. ورسالتنا: “أن التلات حبات ما علاج للنزلة” كمدخل للتوسع في الحديث أكثر عن مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية، والنتائج المحتملة من هذه المقاومة كارتفاع معدل المرضية.. وشوية شوية استخدمنا آليات متبادلة، وخبرات، وانتقلنا لنتحدث عن مواضيع متنوعة، فإنشئت صفحة على وسائل التواصل الاجتماعي “فيس بوك” وبدأت في النجاح، وتوسعنا في نشر المعلومات بشكل متنوع.. 

وركزنا على التوعية بالأمراض، وطرق الوقاية منها، والأخطاء الشائعة، ومحاولة تصحيحها، والتثقيف الدوائي بشكل عام.. ونشيد في هذا المقام  بما تحظى به المبادرة من اهتمام ومتابعة مستمرة من صاحبها دكتور الشريف آدم الفضل..

ونود التنبيه إلى أن المضادات الحيوية؛ من أكثر الأدوية التي يُساءُ استخدامها، ويستهانُ بها، ويتم التعامل معها بسهولة دون الانتباه إلى مخاطرها، وقد يسبب الاستخدام الخاطئ للمضادات الحيوية حدوث مقاومة لها بحيث تصبح بعض أنواع المضادات الحيوية غير فعّالة ضد البكتيريا ومكافحتها، وإن عدم فعاليتها يقلل قدرة المضادات على قتل البكتيريا مما يؤدي إلى زيادة فترة وصعوبة المرض على المريض الأمر الذي  يصدر عنه فرص حدوث الوفاة الناتجة عن الإلتهابات البكتيرية..

ونرى أن هناك مقاومة عالية من البكتيريا تجاه المضادات الحيوية، وتأكيداً لذلك لزم توضيح بعض التشخيصات الناتجة عن الاستخدامات الخاطئة  كالمريض المصاب بعدوى التهاب البول الذي يُجرى له تذريع لنحو 7-9 أنواع من المضادات الحيوية فتكون غير فعّالة عدا اثنين أو ثلاثة وذلك يعود للاستخدام العشوائي..

 وأيضاً هناك مشكلة أن بعض المرضى يصرف لهم الطبيب مضاداً حيوياً لمعالجة العدوى، فيستخدم الدواء لمدة يومين وبمجرد شعوره بالراحة يتوقف عن استخدامه، فهذا التعامل خاطئ لأن العدوي في المرة المقبلة ستكون أقوى؛ لذلك لا بد من إكمال جرعة العلاج كاملة إلى آخر حبة أو كبسولة..

وننبه أيضاً إلى أن الاستخدام الخاطئ لايشمل المضادات الحيوية فقط؛ بل يحدث في كل الأدوية، وعدم الإلتزام بتوصيات وإرشادات الصيدلي في حد ذاته يعتبر استخداماً خاطئاً يُعرِّض المريض للمضاعفات، فمريض السكري- مثلاً- إذا لم يلتزم بالمواعيد والكمية المحددين، يجعل مستوى السكر غير ثابت، ويصبح المريض عرضة لمضاعفات مثل أمراض الأوعية الدموية، واعتلال الشبكية والأعصاب، وتكيس المبايض عند المرأة..  كما أن كثيراً من أدوية الأمراض المزمنة مثل ضغط الدم المرتفع وغيره إذا لم يتم استخدامها بشكل صحيح، تؤدي لإشكالات صحية خطيرة..

وفيما يلي دور الطبيب كعنصر أساسي في توعية المريض، نؤكد أن للطبيب الصيدلي دور بارز في حماية صحة المواطنين في إطار النظام الصحي، بل ويعتبر العمود الفقري لهذا النظام نظراً لاحتكاكه المباشر مع المواطنين، ولما يتمتع به من معرفة متخصصة في مجال الدواء والصحة، فالممارسة الجيدة للصيدلي تدعم وبشكل أساسي بنية الرعاية الصحية للمواطنين، وتشكل حيزاً هاماً في إتمام عملية علاج المريض بعد الطبيب عبر متابعة الصيدلي للمريض وإلزامه وإرشاده والتأكد من التزامه بتناول الدواء بالشكل والزمن المطلوب..

 وإن الاتصال المباشر واليومي الناتج عن تواجد الصيدلي الدائم في صيدليته، يؤمن للمريض الاستفسار عن استعمال الدواء، والاستفسار عن أي دواء وملابساته؛ فالصيدلي يملك المعرفة بتركيب وتحضير وتطوير الدواء، وهو الذي يدرك الآثار الجانبية والتفاعلات مع الأدوية الأخرى، كما يدرك حركية الدواء مع الغذاء حيث تنتج عن هذه إرشادات ووصايا علمية يلتزم بها مما يضمن نجاح العلاج..

 والنجاح من الله وحده، والاتباع والأخذ بالأسباب هو عين العبودية لله، فالطب رحمة للعباد، ويجب أن يصل الطب الصحيح إلى الناس. ومما لاشك فيه أننا كصيادلة نحمل عبئاً كبيراً في تطوير المهنة والارتقاء بها لتواكب ركب التطور العظيم الذي يجري في قطاع الدواء، حيث تطورت مهنتنا من مرسى الخدمات الصيدلانية إلى الرعاية الصيدلانية لأنها أشمل في تحمل المسؤولية من قبل الصيدلي تجاه الوسط الذي يعيش فيه وصولاً لرعاية صحية شاملة تضمن سلامة المجتمع.

ونشدد على ضرورة الابتعاد عن المسكنات، وعدم النظر إليها على أنها أدوية خفيفة وسهلة وليس لها مشاكل نتيجة لرخص ثمنها، وأنها في المتناول وبدون تشدد في الصرف، فهي تنطوي على مخاطر جراء الإفراط في تناولها، وتنتج عنها مشاكل صحية بمرور الوقت حيث تسبب قرحة المعدة، والفشل الكلوي.

ونحذر من أن تداخل هذه المسكنات مع أدوية مرضى الضغط، يؤثر على أدوية الضغط، وتضعف عمل الكلي مما يؤدي إلى زيادة  ضغط الدم، وكذلك مرضى الأزمة؛ حيث أن المُسكنات تشعل خطورة الأزمة وتفاقمها، ويشمل الأمر كذلك مرضى القلب والأوعية الدموية لذلك لابد من الانتباه لهذه الحالات والمراقبة..

ختاماً؛ نؤكد سعينا لتحقيق مستوى صحي عالٍ جداً، ووطن معافى لذلك يجب على الجميع الوقوف إلى جانبنا بالاهتمام بصحتهم، وعدم الإفراط في المسكنات، والحد من الاستخدام العشوائي للمضادات الحيوية، والإلتزام بالإرشادات الطبية السليمة، واتباع كل الوصايا والإرشادات من أجل وطن صحي معافى..

Leave A Reply

Your email address will not be published.