ربطها البعض بتحسن أوضاع البلاد.. العطالة كابوس الشباب
أسباب الظاهرة هي عدم رغبة الشباب في العمل أو الخوف من الدخول في أي تجربة عملية
خريج: البطالة هي سم قاتل يقتل الخريج ببطء حتى يميته والمخرج في التمسك بحبل الله
إعداد/ هبة بعشوم

تعطل عن العمل بمعنى تأخر عنه بسبب من الأسباب وربما يكون عطلاً مؤقتاً أو دائماً مما يؤدي لحدوث العديد من المشكلات، والعطالة تعني عدم وجود فرص عمل سواء في القطاع الخاص أو العام مما ينتج عنها الكثير من المشاكل التي تؤدي لإنهيار المجتمعات بسبب ما تحدثه من فراغ وتضييع للوقت وهدر للموارد الشبابية التي تحمل الكثير من الطاقة والحماس لإنجاز الأعمال خاصة عندما يستلم الشاب شهادة التخرج يشعر بأنها بداية للمسؤولية وتحمل المهام وتعلم دروس الحياة في الصبر والكفاح، ويتخيل أن هنالك مكان سوف يقوم باستيعابه ويحقق طموحاته في تحقيق الذات وإثبات الكفاءة كما يعتقد أنه سيقوم بالتطوير من خلال تفانيه في العمل وتسخير قدراته وأفكاره المستنيرة لخدمة هذه الوظيفة.
أما عندما يفاجئ بأن كل تلك الأحلام والتطلعات ما كانت إلا وهماً وصورة قد رسمها في خياله الحالم يصاب أغلب الشباب في هذه اللحظة بكل ما هو محطم للآمال ومثبط للهمم ويدخل في نفسه الشعور بالكره والألم والرغبة لمغادرة البلاد لأنها لم تستطع الوفاء بوعدها معه في مساعدته لبناء نفسه وتكوين باقي الشخصية السوية، وقد يتعرض الشاب عند تفكيره في الهرب من الواقع لكثير من المخاطر والصعوبات.
أما من جعلته العطالة في فراغ دائم فقد تتحول حياته إلى معاناة كالتفكير في النسيان بشرب المسكرات والمخدرات والجلوس في الطرقات لمعاكسة الفتيات أياً كان عمرهن وأيضاً مضايقة المارة وتحول أساليب الحديث إلى أساليب بذيئة ومنكرة وألفاظ لا تليق به كمسلم أولاً، وكشاب متعلم ثانياً، وابن لأسرة محترمة ثالثاً وكرفيق للسهر ساعات متأخرة فيما لا يفيد رابعاً، وتوأم للهاتف لا يفارقه خامساً، و قد تؤدي هذه الأشياء إلى عواقب وخيمة قد تكلف حياة الشاب بالوفاة أو الخلل وحياة الأسرة وتدمر السمعة لكلا الطرفين.
هذه المصائب تقوم بفعلها العطالة لذلك لابد من عزيمة قوية وتحدي وإرادة تتحطم لهم الصخور والجبال وعدم اليأس.

الصحيفة التقت بعدد من الأفراد واستمعت لآرائهم في قضية العطالة وخرجت بالحصيلة التالية.
يقول الأستاذ بدر الدين الشيخ أن الفراغ هو سبب أساسي للعطالة والملل يذهب كل جميل يوجد في الشخص ويقول كذلك لايجب الاستسلام للظروف الاقتصادية الصعبة بل على الشاب أن يعمل في كل مجال ومهما كانت المهنة طالما توفر الرزق الحلال، كالعمل في بيع الماء أو العصائر أو بيع الفطور ولا يجب على الشباب أن يتعففوا من هذه المهن ويخجلوا منها، واستند في ذلك على أن سيد الخلق صل الله عليه وآله وسلم عمل راعياً وعمل تاجراً و يالها من قدوة رائعة ومثالية.
وقالت آمال حسين والدة لأربعة أبناء إن العطالة تؤدي لنهاية حياة الشباب وتكسيرهم بالجلوس في البيت وقضاء معظم اليوم في النوم أوفي مشاهدة التلفاز أو إرسال الرسائل عبر الواتساب وغيره من مواقع التواصل، والسهر كذلك لساعات طويلة ودخول البيت مثل اللصوص والنهوض في وقت متأخر حيث لايوجد اهتمام بالفروض أو الحقوق والواجبات مما يجعل الشاب عاجزاً ويشعر بالفشل والإحباط يتذمر لأبسط الأسباب.
الطالبة الجامعية مها سألتها عن رأيها في البطالة فأجابت بأنها لا تحبذ الجلوس من غير عمل لفترة طويلة وأن البطالة مرفوضة تماماً، وأنها تؤدي لكثير من المشاكل النفسية والاجتماعية، وتقول مها حتى وإن كانت لم تتخرج بعد لكنها لا تود أن توضع في هذا الموضع وستسعى جاهدة للعمل.
الطالب محمد: يقول أنه متخوف من البطالة ويخشى أن تصبح مصيراً له، لكنه سيعمل كل ما بوسعه حتى لا يستسلم وإن كانت الظروف الاقتصادية لا تساعد بتاتاً.
أما رأي الخريج مازن محمد فيقول إن البطالة هي سم قاتل يقتل الخريج ببطء حتى يميته، وإن لم يقتله فسيقوم بتقطيع أحشاءه، وإن لم ينتبه الخريج لنفسه وإن لم يتمسك بحبل الله تعالى ويسعى بعزيمة وصبر فسيشرب من هذا السم ويعطل حياته.
خريجة فضلت حجب اسمها تقول إن العطالة هم لا ينتهي إن لم تتحسن أوضاع البلاد، ولكن على العموم لا يجب الخضوع للأمر الواقع واتخاذ هذه الحياة القيمة بهذا الشكل من اللامبالاة وعدم القيمة ووضع اعتبارات لمعنى الحياة الحقيقي وتواجدنا فيها، ولامجال للاستسلام والسقوط في فوهة الخطأ والعمى والانجراف والركض خلف السراب وزينة الدنيا، العطالة تصل وتقتل كل شخص منحها فرصة الدخول إلى حياته والسيطرة عليها، وفرض شروطها على حياته. والخريج شخص متحضر ومثقف وعلى درجة جيدة من الوعي الذي يجعله قادراً على التميز والتصرف بحكمة والتفكير في المستقبل بجدية وحزم والسعي خلف أي مشروع يوفر الدخل المحترم مهما كان العمل.
المواطن سمير: يظن أن موضوع العطالة ينتج من عدم رغبة الشباب في العمل أو الخوف في الدخول في أي تجربة عملية حتى وإن كانت فاشلة، وخجل الشباب من العمل وتكبرهم عليه يؤدي لتعقيد الأمور والخوض في مشاكل يعاني منها الشباب حتى وإن عمل الشاب في مهنة معينة خاصة في السوق يكون شارد الذهن ويقوم بتصرفات غير جيدة من معاكسة للزبائن من أجل الترويج لبضاعته ويقوم بالإسراف في شرب المسكرات مما ينتج عنه آثار سلبية، وبهذه التصرفات والضجر الله سبحانه وتعالى لا يبارك لهم في عملهم مما يؤديهم لترك العمل والخوض في مصائب كبيرة، و لكن نأمل ان يتحسن الوضع ويجد الشباب الفرص التي تتلاءم مع طموحات وتخصصات كل واحد منهم.
أثر الجانب النفسي :
لا يوجد شيء أثقل على الفرد من الشعور بالحاجة المادية والمعونة من الآخرين خاصة عندما يكون الفرد مسؤولاً عن أسرة وعليه تأمين حاجاتها. وتؤكد الإحصاءات أنّ هناك عشرات الملايين من العاطلين عن العمل في كل أنحاء العالم من جيل الشباب، وبالتالي يعانون من الفقر والحاجة والحرمان، وتخلف أوضاعهم الصحية، أو تأخرهم عن الزواج، وإنشاء الاُسرة، أو عجزهم عن تحمل مسؤولية اُسرهم. كما تفيد الإحصاءات العلمية أنّ للبطالة آثارها السيّئة على الصحة النفسية، كما لها آثارها على الصحة الجسدية. إنّ نسبة كبيرة من العاطلين عن العمل يفتقدون تقدير الذات، ويشعرون بالفشل، وأنهم أقل من غيرهم، كما وجد أن نسبة منهم يسيطر عليهم الملل، وأنّ يقظتهم العقلية والجسمية منخفضة كما وجد أن القلق والكآبة وعدم الاستقرار يزداد بين العاطلين، بل ويمتد هذا التأثير النفسي على حالة الزوجات، وأنّ هذه الحالات النفسية تنعكس سلبياً على العلاقة بالزوجة والأبناء، وتزايد المشاكل العائلية. وعند الأشخاص الذين يفتقدون الوازع الديني، يقدم البعض منهم على شرب الخمور وتعاطي المخدرات، بل ووجد أن 69% ممن يقدمون على الانتحار، هم من العاطلين عن العمل. و نتيجة للتوتر النفسي، تزداد نسبة الجريمة، كالقتل والاعتداء، بين هؤلاء العاطلين كما إن العاطلين عن العمل يتسمون بعد السعادة وعدم الرضا والشعور بالعجز كما أن معاناتهم تزداد بسبب الضيق المالي الناتج عن البطالة.
