جدلية العلاقة بين الوعي السياسي والمشاركة السياسية والفساد في السودان
تقرير/ راشد حامد عبدالله
توصلت دراسة علمية حول جدلية العلاقة بين الوعي السياسي والمشاركة السياسية والفساد في السودان، إلى أن نسبة ممارسة الفساد ممكنة في البلاد بنسبة بلغت 77%، ورأت نسبة 76% من عينة الدراسة أن السودان يسير في الاتجاه الخاطئ.
الدراسة التي أجراها حسن حسين قاسم محمد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بكلية الاقتصاد والتنمية الريفية بجامعة الجزيرة، هدفت للتعرف علي العلاقة بين الوعي السياسي والمشاركة السياسية والفساد في السودان.
وأكدت الدراسة أن هنالك علاقة ذات دلالة إحصائية بين الثقة في المؤسسات العامة والفساد، والمؤسسات هي: (المؤسسة الرئاسية، المجالس التشريعية، الهيئة المشرفة علي الانتخابات، مجلس الحكم المحلي والحزب الحاكم والشرطة والمحاكم والقادة التقليدين ورجال الدين)، لذلك كلما ضعفت الثقة في هذه المؤسسات ارتفعت بذلك نسبة الفساد.
كما توصلت الدراسة إلى أن هنالك علاقة ذات دلالة إحصائية بين متغيرات الوعي السياسي مثل الأعضاء المنتخبين أو الموظفين الحكوميين وقيادة الأحزاب والقادة التقليدين ورجال الدين، وعدم الرضاء عن أداء الحكومة والفساد، فعندما يتم تقييم أداء الحكومة بشكل سلبي يزداد الاعتقاد بان هنالك فساد، أو أن الفساد هو سبب تقيم أداء الحكومة.
وكشفت الدراسة أن هنالك علاقة ذات دلالة إحصائية بين متغيرات المشاركة السياسية وهي تصورهم بمدي نزاهة الانتخابات وعدمها، أو المشاركة في الأنشطة السياسية واهتماماتهم بالانتخابات وعناصر العملية السياسية والفساد؛ حيث أن التصور بأن هنالك فساد ومشاركة الأفراد في العملية السياسية.
كما أكدت أن هنالك وعي بقضية الحقوق والمطالب لكن لا يقابلها وعي بدور الشخص والواجبات والرقابة المطلوبة منه كمواطن صالح.
حسن حسين ومن خلال الدراسة أوضح أن التاريخ السياسي السوداني شهد سجالاً كبيراً بين المكونات السياسية من الجهة والمؤسسات المدنية والعسكرية من جهة أخرى، ونتاجاً لذلك ظهرت المؤسسات السياسية والمدنية الحديثة التي تكونت في عهد الاستعمار، وعند الجلاء كانت الخدمة المدنية والجيش والهياكل السياسية للحكم والأحزاب السياسية قد اكتمل بنيانها على نسق سياسي محدد، لكنها لم تصمد كثيراً أمام الصراع السياسي بين المكونات السياسية الطامحة للسيطرة علي الحكم في العهد الوطني وتأثرت بذلك هياكل الحكم والإدارة والعلاقة بين المجتمع والدولة .
الدراسة تناولت الوعي السياسي وعلاقتها بالمشاركة السياسية والفساد في السودان، وذلك من خلال بيانات قياس الديمقراطية الإفريقي (الجولة السابعة) تحت مسمى طبيعة الديمقراطية والحكم في السودان.
وانقسمت الدراسة إلى أربعة محاور رئيسية، شمل الأول المفاهيم المتعلقة بالدراسة والثاني طبيعة الظاهرة السياسية في السودان، والرابع: المنهجية والشواهد التطبيقية، وأخيراً التحليل والنتائج والتوصيات.
وأورد الباحث في الدراسة: أن الاستقلال خلق هالة من الوعي وارتفعت بذلك طموحات الشعب بتحقيق نظام حكم يحقق الاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ولكنه بعد أكثر من نصف قرن من الزمان، لازال السودان يعاني كثيراً من الإشكالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وعلى عدم اتفاق في كثير من القضايا الجوهرية منها طبيعة نظام الحكم والدستور وإدارة التنوع والهوية، بل حدث فساد في الحياة السياسية، وأصبحت مسألة الوصول للحكم بوسائل أخرى غير الانتخابات هي الشائعة، بل أن تجارب التعددية الثلاثة كانت نهايتها بقيام حكم عسكري تعقبه فترة انتقالية تعقبها تعددية هشة في تكوينها.
وأضاف الباحث: ذلك كله أدى إلى التأرجح في المشاركة السياسية للموطنين، وبالتالي تضخم الكيان السياسي في السودان، وهذا شكل مدخلاً للفساد بكافه أشكاله في السودان وتراجعت معه المشاركة السياسية وارتبط بقضايا متعددة، ومن هنا ظهر التساؤل الرئيسي للدراسة، ما هي العلاقة بين الوعي السياسي والمشاركة السياسية والفساد في السودان.
ورمت الدراسة إلى تقدير نسبة ممارسة الفساد في السودان، وتحديد العلاقة بين الثقة في المؤسسات العامة وممارسة الفساد، وقياس العلاقة بين متغيرات المشاركة السياسية وممارسة الفساد، والتعرف على متغيرات الوعي السياسي وممارسة الفساد.
وقامت الدراسة على فرضية أساسية لتحديد العلاقة بين الوعي السياسي والمشاركة السياسية والفساد، وهي أنه كلما كان هنالك وعي السياسي ترتفع نسبة المشاركة السياسية وتزداد معها آليات الرقابة على أنظمة الحكم والعملية السياسية مما يقلل من الفساد، والعكس صحيح فكلما تدنت مستويات الوعي السياسي انخفضت المشاركة السياسية أو مستويات التنافس السياسي مما زاد من الفساد.