التنمية الريفية حدود عالمية
د. هبة سيد أحمد
بعد أن تجولنا فى المجتمع السوداني وأشرنا لبعض عاداته وأمثاله؛ نعطف مرة أخرى على التنمية الريفية التي نحسب أنها مفتاح تطور الاقتصاد السوداني لما تحويه البلاد من إمكانيات طبيعية وبشرية زراعية مهولة.
وعنوان هذا المقال مقتبس من كتاب قرأته قبل عقدين ولكنه راسخ فى الذاكرة لقوة منطقه ووصفه للتنمية الريفية بطريقة ترغِّب القارئ فى أن يزيد معرفته عنها (مؤلفه لورانس هيوز وترجمه سامي الرزاز) وهو ينظر للتنمية الريفية كحلقة وصل بين العالمين ويؤكد على أن العالم الثالث معظمه ريف، فقد بدأت التنمية الريفية فى الولايات المتحدة الأمريكية عندما أصبحت الفجوة بين الريف والحضر واضحة فتدخل العلماء والسياسيين لتضييقها وأنشأت مراكز بحثية متخصصة وبذلك فإن التنمية الريفية كغيرها من العلوم أتت لحوجة الإنسان ولكي تسد فراغاً فى جسم المعرفة وهدفها الأساسي تحسين حياة الإنسان أينما وجد.
وقد جاء هذا المقال والمجتمع السوداني برمته متفائل برفع العقوبات الأمريكية ويأمل فى تحسين الأوضاع الاقتصادية التي يتبعها انخفاض فى الأسعار حسب رؤية المواطن البسيط وتوقعاته ولكن ذلك يتطلب إنعاشاً لقطاع الصناعة والزراعة وقبل ذلك الإنسان الذي يمثل معول التطور والتنمية.
وتحضرني قصة عن أم تراجع لولدها فى دروسه العصرية والدرس يتكلم عن السودان وموارده المتنوعة والمتعددة وجارهم أستاذ خته عنقريبه فى الضل قريب من الحيطة سلمت عليه بعفوية السودانيين الحلوة ربنا ما يحرمنا منها وسألته يا أستاذ طيب السودان ده أي حاجه فيه ماله ما بتقدم ويكون من الدول الأولى فى العالم رده ليها: (ما فيه إنسان) بحرقه شديدة، ولقد استوقفني هذا الرد ماذا يقصد علماً بأنه أستاذ خبرته طويلة وما بقول كلام بعشوائية.
وبعد تفكير نظرت للموضوع وبرويه حاولت أن أفهم قصده فتوصلت لأنه يعني إنسان جاد يتقن عمله ويرتب أولوياته ويضع مصلحة المجتمع نصب عينيه (المسؤولية المجتمعية) فلو كل واحد فكر في أن مجهوده مهما كان بسيطاً يساعد فى صنع الاقتصاد المعافى، فبتغيير عادة سالبة يمكن أن نوفر المال، وبنشر معلومة عن التثقيف الصحي يمكن أن نوفر حق العلاج ونحفظ حياة طفل أو أم.
إذاً نحن في حوجة لإنسان عقلاني هدفه المساهمة فى نهضة بلده وتنميتها وقد وصانا الرسول صلى الله عليه وسلم بإتقان العمل وبلغنا أن الله يحب ذلك، وقد أعجبت بمقال الزميل الذي تحدث عن أوصاف الأستاذ الجامعي ومهامه في العدد السابق ونتمنى أن يحاول كل فرد أن يؤدي عمله على أكمل وجه لتحقق التنمية الراسخة المستمرة ذات الأساس المتين ألا وهو الإنتاج الحقيقي الذي يوصلنا للاكتفاء الذاتي والتصدير للعالم، ففي القمة العربية ببيروت عام 2002)م) ذكر نائب الرئيس السوداني فى خطابه أن السودان يمثل صمام أمان العرب غذائياً وكلنا يعلم صحة ذلك.