الخواض ..حكاية أشهر رجل أعمال بود مدنى
يس الباقر
لما كانت مدينة ود مدني تمثل مركزاً إستراتيجياً هاماً لكل أهل السودان لذلك جاءت إليها الكثير من الهجرات الفردية والجماعية مثلت فيما بعد أركاناً مهمة لتلك المدينة الشاطئية الوادعة فاستقبلتهم بأريحيتها وطيبة أهلها ، ومن بين تلك الأسر العديدة كانت (أسرة الخواض) رقماً كبيراً لا تخطئة العين جاءت لود مدني ضمن العديد من أسر الجعلين بجانب أل كورينا ،وأل غريق ، وأل أبوزيد وغيرهم وكان فأول من حضر لود مدني من أسرة الخواض هو الراحل محمد أحمد عوض الكريم الخواض .
حيث تقول السيرة الذاتية له بأنه : محمد أحمد عوض الكريم محمد أحمد (الخواض) والخواض كنيه جاءت مستمده من طيبة الخواض وتيمناً بالشيخ الخواض. من مواليد (كمير العوضية ) غرب شندي في العام 1916 وسط أسرة تمتهن الزراعة والتجارة فمنذ بواكير صباه عمل (الخواض) فى مجال الزراعة والتجارة مع والده وأنشأ مع والده أكبر مشروع زراعي بالمنطقة فى منطقة غرب شندي بعد أن استجلبا له الوابورات لريه من مصر وكانت البغوليات والفول المصري والشمار والكبكبي من أهم المحاصيل التى تزرع بالمشروع .
تلقى الخواض تعليمه في خلوة أولاد حاج جابر في البوادره في منطقة الجوير .
ومثل العام 1929م محطة هامة فى حياته وحياة أسرته التي كانت الأقرب للختمية حيث وجه السيد على الميرغني عدد من أبناء المنطقة بالذهاب للخرطوم وعدد من المدن فى الوسط وعلى رأسهم (ايعاز ) الشاب وقتها محمد أحمد الخواض بالذهاب لمدينة ود مدني وممارسة التجارة هناك ليكون التواصل بين تجارة الشمال والوسط وبالأخص مابين الخرطوم ومدني ودعاهم للخروج من كريمة وشندي والذهاب لمدني ، ويذهب فى ذات السياق إبنه إيهاب محمد أحمد الخواض إلى أن السيد على الميرغني وزع الكثير من الناس على المدن حتى يستطيعوا الاستيلاء على المشاريع والجنائن المطلة على النيل فكانت فكان الإمساك بخيوط التجارة والزراعة هي واحدة من أهداف السيد الميرغني الإستراتيجية.
ترحيب في ود مدني:
جاء الخواض إلى مدينة ود مدني وسط ترحاب كبير من العمد والنظار فى المدينة والولاية وإمتد هذا الترحاب للقادمين من شمال البلاد فكانت التجارة فى ود مدني فى ذلك الوقت يسيطر عليها المصريين ، والأقباط ، والهنود ، والإغريق ، والنقادة ، والشوام ، واليمنيين وكانت لهم تجارة رائجة فى القماش والمخابز وكان البعض منهم يستغلون الإنسان البسيط فيبعيون له الطبلة بقرش والمفتاح بقرش ،ولذلك كان دخول الخواض لود مدني نقطة تحول كبيرة فى تحويل التجارة التي كان يسيطر عليها الأجانب إلى السودانيين فتمت سودنة التجارة في ود مدني على يده بعد إن استعان الخواض بأحد أبناء خاله عوض الكريم محمد أحمد ليساعده في التجارة ليتثني له فيما بعد بالعمل على مساعدة أهله وفتح ما يقارب إلى (500) دكان داخل سوق ود مدني .
أول محطاته :
ويشير ابنه إيهاب إلى أن أول محطة لوالده كانت السكن فى منطقة السكة حديد بعد أن بدأ أول تجارته بالسوق الصغير وبعد فترة وجيزة إنتقل إلى السوق الكبير وفى السوق الكبير نمت تجارته وتوسعت وأصبحت له علاقات كبيرة وممتدة مع أغلب أهل السودان فى سنار وسنجه والدمازين والرصيرص والكرمك وكوستي وغيرهم من المدن ، وكان لشريحة المزارعين فى الجزيرة دور كبير فى انجاح أل الخواض ومن أصدقائه محمد أحمد الهلالي فى المناقل ،وفضل تور الدبة فى سنار،والخليفة إبراهيم محمد على ،وأل الشوية فى سنار ،وعثمان على سلطان ، وحمد حاج الصديق ونشط بصورة كبيرة فى تجارة البن والشاي والملابس والعجلات وكان له دور كبير فى تأسيس الغرفة التجارية بودمدني.
أشقائه :
ولمحمد أحمد الخواض سبعة من الأشقاء هم :محمد ،وإبراهيم ،عبد اللطيف ، بابكر،طه،سليمان، عبد القادر عملوا جميعاً فى مجال التجارة إلا أن شقيقهم الأكبر محمد أحمد كانت لديه رؤية مختلفة فى إدارة المؤسسات التجارية فكانت رؤيته الدخول فى مساهمات مع أخرين لتأسيس الشركات .
شراكات :
ولما كانت له صداقات مع الكثير من تجار ود مدني مثل المرحوم بابكر سالم أبوسنون ، وجريس ، والريح إبراهيم الريح كانت له مساهمات واضحة مع التجار فى تأسيس وقيام العديد من المصانع والشركات وعلى سبيل المثال مصنع النيل الأزرق للغلال ، وشركة زيوت الجزيرة ، مطاحن غلال المكاشفي فى المناقل ، مصنع النيل الأزرق للسجائر وشركات أخري عديدة كان سهمه فيها واضحاً ، بجانب أن شركة الخواض كانت وكيل ل(44) شركة أجنبية ومحلية .
أول الفنادق :
وبعد أن استقر به المقام داخل ود مدني وتوسع فى تاجرته كان التفكير فى بناء أول فندق فى المدينة فى العام 1959م لاستضافة ضيوفه من أصحاب الشركات والتجار خصوصاً وأنه أصبح وكيلاً ل(44) شركة تستهدف بصورة مباشرة وكيلها فى ود مدني (الخواض)ويضم الفندق 34 غرفة ويقول إيهاب أن هدف والدهم من إنشاء الفندق لم هدفاً تجارياً لإنشاء سلسلة فنادق واستغلالها تجارياً وإنما لاستقبال ضيوفه الذين يفدون إليه من الداخل والخارج ، لافتاً إلى أن الوجبات التى كانت تقدم فيه تضاهي الوجبات التى تقدم فى أفخم الفنادق العالمية وبه طباخين مهرة ، وبخلاف التجار وأصحاب الشركات يشير إيهاب إلى أن الفندق أستضاف شخصيات عديدة فحل ضيفاً عليه الممثل المصري محمود المليجي ،وليلي طاهر ،وعادل إمام ،والفريق القومي المصري ، بجانب كبار الفنانين والشخصيات العامة .
تكريم
للخواض علاقات ممتدة مع الكثير من الرموز والقيادات فبجانب المراغنة كان الخواض صديق شخصي للرئيس الراحل جعفر نميري ، ومنحه الرئيس الإثيوبي الراحل هيلاسلاسى وسام الإمبراطورية ، وكذلك وسام من الرئيس الراحل الفريق إبراهيم عبود، وكذلك تم تكريمه من قبل الأميرة أن وعندما سافر مع والده للعلاج بمصر حل ضيفاً على الرئيس محمد نجيب بمنزله فكان محمد نجيب صديقاً له.
*مساهماته :
لديه الكثير من المساهمات فى العمل العام وأعمال الخير تمثلت فى مساهماته فى تشييد المدارس والمؤسسات الصحية والخلاوي بجانب ما قدمته لمنطقة (الطليح – كمير العوضية) بدأه بتطوير مشروعه في الجوير والضبعة واستوعب فيه كل أبناء المنطقة بجانب توصيل الكهرباء لقريته باعتبارها أول قرية تدخلها الكهرباء ، بجانب رعايته للكثير من طلاب العلم ، توفي فى العام 1990م بود مدني تاركاُ عدد من الأبناء رحمه الله رحمة واسعة .