“السحارة”.. الحنين إلى الماضى
كتب : يوسف محمد اسماعيل
السحارة هي صندوق خشبي متين تحفظ فيه كل الاشياء المهمة داخل المنزل مثل المجوهرات، وكل ما غلا ثمنه كذلك كانت هي بمثابة الدولاب الذى تحفظ به الملابس والأواني معا، وكانت السحارة موجودة حتى مطلع السبعينات، لأنها كانت تمثل أهم مواقع التخزين، وبعد تلك الفترة اصبحت في حالة صراع ما بين الاندثار والبقاء ويعود ذلك الصراع الي ظهور بدائل لها من (دواليب وخزن) تواكب العولمة والتطور والذى طرأ علي كثير من المجتمعات ولا سيما العربية.
سحارة دولية:
و(السحارة) لم تكن في السودان وحسب، بل كانت منتشرة في كثير من المجتمعات العربية ومنها دولة سوريا والسورين لديهم مثل يقال حين تريد مدح أحدهم يقولون🙁هو وجه السحارة)، وهذا يعني بان هذا الشخص غالي الثمن وهذا دليل علي مكانة السحارة في تلك الدولة ، وكل ما يخزن ما في داخلها كان غالي الثمن والدليل علي أن (الحبوبات) كنّ يستخرجن ما بداخل السحارة من مجوهرات في مناسبات الافراح، وايضا يستخرجن (اطباق الصيني) في مناسبات الافراح والاتراح وهذا يدل علي مكانة ما بداخل هذه السحارة من اشياء قيمة الثمن والحوجة.
باقي روح:
وبرغم الغياب الكبير (للسحارة) اليوم عن واجهة المشهد إلا ان بعض الولايات السودانية لاتزال تحتفظ بها، ولم تتغير برغم الحداثة والصناعات التي تظهر يوما بعد يوم فالسحارة كانت بمثابة عنصر اساسي لحفظ جميع المقتنيات الهامة والثمينة.
حراسة مطلوبة:
ويقول العم عبد الرحيم وهو من المهتمين بالتراث بمدينة ودمدنى (السحارة اندثرت واصبح بلا (لاحس ولاخبر)، وكثير من الناس (المتفلهمة) لا يعرفونها وعن سبب اندثارها يقول : (يعود ذلك الاندثار الي توفر الدواليب وخزنات القروش ولكن رغم ذلك انا احتفظ بها لأنها تمثل لي اشياء جميلة وتذكرني بالماضي وانا اعشق التراث ولا أحب الحداثة الجديدة التي دثرت كثيرة من الاشياء الجميلة التي كانت تميز مجتمعنا السوداني)، ويضيف العم عبد الرحيم قائلا: (حتي الاسر الغنية في قديم الزمان كانت تحتفظ بها والاسر الفقيرة التي لا تستطيع الحصول عليها كانت تضع مقتنياتها في (شنط وكراتين) والسحارة كانت من ضروريات المنزل وكانت بالقرب منها يوضع عنقريب به (حبوبة) أو أكبر شخص في المنزل ليمثل حارساً لتلك السحارة ويكون مراقبها بعين ساهرة حتي لا يفقد ما بداخلها.
