اتحاد فن الغناء الشعبي بالجزيرة.. بدايات جديدة

0 179

أعدها: ود أبو حامد

جغرافية المكان وضعت دار اتحاد فن الغناء الشعبي بولاية على مقربة من مسرح الجزيرة أحد الرمزيات الفنية، وذاكرة الفن الجميل، بيد أن حميمية المكان، ميزت دار الاتحاد، لتكون بوتقة انصهر فيها سودان مصغر مختلف السحنات..

حفظت ذاكرة هذه الدار أسماء من أمهر العازفين والموسيقيين والفنانين الذي جمّلوا وجدان الشعب السوداني بموسيقاهم وألحانهم العذبة، ومنذ سنوات طويلة تعاقبت فيها الأجيال جيلاً بعد جيل، ظل وعاء “الغناء الشعبي” ينضح بما فيه من إبداع موسيقي وغنائي، يغذي المشهد الفني بكوكبة من المبدعين الذين أصبحوا ملء السمع والبصر في شتى مجالات الفنون الموسيقية والغنائية..

أبو زعبل

ويتحدث نائب الأمين العام للاتحاد مصطفى عوض الأمين محمد “أبو زعبل” عن هذا الفن الذي مر كغيره من الهيئات الثقافية بفترات ركودٍ وازدهار في سنوات عمره السِمان والعجاف، ويشير إلى نشأته بود مدني أواسط الستينات إبان ازدهار هذا الفن على مستوى السودان..

ولممارسة نشاطه في خضم مشكلة المقر الدائم، لجأ الاتحاد في بعض الفترات إلى استئجار منازل، وأناخ رحاله أخيراً بدار المبدعين بمسرح الجزيرة، وهو الموضع الذي يتوقع “أبو زعبل” أن يشهد نهضة جديدة لفن الغناء الشعبي بالولاية..

ولتحقيق هذا الهدف؛ ناشد نائب الأمين العام وزارة الثقافة والإعلام، وأبناء الجزيرة، والمواهب الشابة، إسناد مسيرة إعادة الألق والازدهار لهذا الفن الأصيل الذي تعددت مشاركاته في الأغاني العاطفية، والوطنية، والطبيعة، وغيره من ضروب الفن.. ففي آخر عشر سنوات؛ حدث نوع من الركود خاصة في حاضرة الولاية ود مدني..

وتغنى طيف واسع من رواد الفن الحديث؛ كما ذكر “أبو زعبل” بالغناء الشعبي بغير صورته التقليدية التي عرفها الناس عنه وتميزت بالكُورَسْ، والطبلة، والرِق، وما زال يسجل حضوره المميز في المناسبات الخاصة والعامة..

الغناء الشعبي لم يخطئ كذلك طريق الثورة؛ وكان له إسهامه الفاعل فيها منذ عهد ميرغني المأمون، وأحمد حسن جمعة برائعتهم “جدودنا زمان.. وصونا على الوطن”، وبادي أحمد الطيب “مالو أعياه النضال بدني” بجانب سوداني جوه وجداني، وغيرها من الأغنيات المشبعة بحب وتمجيد الوطن..

ويأمل أبو زعبل أن تكون الثورة تغييراً حقيقياً ينعكس إيجاباً على المجالات الثقافية والفنية كأساس لبناء البلدان، وقال: “لو داير تشوف تطور أي بلد أنظر لفنونه الشعبية، فتعرف أخلاقه، وثقافته، ومدى تحضره وتقدمه، محيياً شباب ثورة ديسمبر المجيدة وتضحياتهم الكبيرة وما قدموه من نماذج ملهمة لكل العالم..

محمد الهادي

محمد الهادي محمد علي؛ هو أحد رواد فن الغناء الشعبي من قرية شلعوها الجعليين غرب ود مدني.. جاءه إلهام تلحين القصائد المدرسية منذ المرحلة الابتدائية؛ إلحاناً غير مقتسبة من الأغاني.. وببلوغه السنة الرابعة بدأ حفظ الأغاني وتأديتها على مسرح الدورة المدرسية حتى وصوله الثانوية العامة..

وسبق له تلحين قصيدة “جارة الوادي” لحناً فريداً حسب وصفه وغير مقتبس من أغنية، حيث وجدت شهرة واسعة، وكانت تتم مطالبته من معلم اللغة العربية والعلوم بتأديتها في بداية الحصص، وبمشاركة من طلاب الفصل في الأداء..

وبنهاية مرحلة الثانوية العامة تطور الأمر إلى إحياء حفلات مع فرقة عائلة أولاد أحمد عبدالله من قرية شلعوها وذلك بمصاحبة الإيقاع، الطبلة، المندلين، الكُورَس.. وسنحت له فرصة اللقاء بالأستاذ عادل صلاح عازف المندلين، وهو ابن صلاح بطران قائد موسيقى الشرطة في ذلك الوقت، كما تعرف على خالد خنشور، وصلاح سكو.. ومع استمرار الحفلات الغنائية، تعرّف عليه الناس أكثر..    

يقول إن ارتباطه بود مدني فرضته ظروف زواجه وعمله بالشرطة الشعبية، وشركة الهدف، وأمانة الحكومة.. حيث تواصلت انطلاقته بأحياء ود مدني، وأجهزتها الإعلامية، واتحاد الغناء الشعبي..  

ويرد بدايته بالغناء الشعبي إلى مكوناته من آلات وترية: “مندلين، جيتار، بيز، إيقاع” حيث بدأت مسيرته الغنائية بحفلات الأعراس، والمناسبات.. واستمرت حتى تسجيل حلقة إذاعية في عام 1997م بمعية الأستاذ مبارك المبشر، بجانب تسجيل حلقة لبرنامج الجزيرة الخضراء في ضيافة الأستاذ محمد علي هاشم الذي كان يعمل وقتها بالإرشاد الزراعي..

ولحن “علي” وسجل أغنية “أرض الجزيرة” للشاعر فتح الرحمن صديق من منطقة 99 ود النعيم؛ التي تقول بعض مقاطعها: “إنت يا أرض الجزيرة.. إنت يا الخضراء ونضيرة.. تجودي بي ريحة دعاشك.. وفيك كم خيرات كثيرة.. ينبت الفول يانع أخضر.. فوق سرابك زي ضفيرة”..

ولم تنقطع مسيرته الغنائية بعد اختياره “الغربة عن أرض الوطن”؛ حيث يقيم حالياً في المملكة العربية السعودية، ويعمل بحكم تخصصه كفني زراعة نخيل بأوقاف محمد بن عبدالعزيز الراجحي بعنيزة.. وهو من هواة تنسيق الحدائق من قبل السفر للمهاجر، وقد حصل على دبلوم زراعة النخيل من معهد الأستاذ بالخرطوم..

يقول: ” أبعدتنا الغربة عن الجمهور والغناء في السودان، غير أننا واصلنا المسيرة في الرياض.. ويضيف: الغربة جددت في روحنا أشياء كثيرة؛ جعلتنا نغني أكثر مما تغنينا في السودان.. كما سجلت حلقات في برنامج “سهرانين” بقناة 24 الآن بالرياض العام الماضي تم بثها مباشرة على منصات التواصل الاجتماعي، والتلفزيون.. ويصف “علي” الغربة بأنها جميلة، حيث تعطيهم كفنانيين إحساساً عالياً بالإبداع..

وحيا الأستاذ صديق سرحان رئيس اتحاد الغناء الشعبي وكل رواد هذا الفن الذي تجمعه مشتركات كثيرة مع الغناء الحديث، ويتميز بكلمات وألحان جميلة ذات تأثير ممتد منذ زمن “سرور وكرومة”.. ومع ذلك تمتلئ الساحة بغناء ليس له أي معنى..    

    

مقر الاتحاد
Leave A Reply

Your email address will not be published.