تحفة السودان “حنتوب الجميلة”

0 274

كتب/أمين البدري الأمين

ترقد في هدوء وسكينة تتوشح بدثارها الأخضر، وبقامتها الحسناء تتمدد محاذية النيل تغازله في مودة تقف ممشوقة كما لو أنها شيِّدت حديثاً، إذ ما زالت مبانيها بذات الأمكنة وذات المسميات وخضرتها النضرة تكسي ميادينها  تحوي تاريخاً حيوياً يجسد علامة فارقة في تشكيل الحاضر كانت سوداناً مصغراً جمعت طلاباً من كل أنحاء البلاد واستوعبت جنسيات أجنبية من دول الجوار وكان لها القدح المعلى في بلورة الحاضر والمستقبل، انتهت (حنتوب) المدرسة وتحولت الآن إلى (كلية التربية) بالجزيرة، وطوت بذلك نصف قرن من العطاء، كتبت فيه تاريخ السودان الحديث سكان القرية هم خليط من القبائل، أغلبهم من الجعليين مع قليل من الدناقلة، الشايقية، الكواهلة، الرباطاب، الشكرية، والبقارة،  ومن أجمل ما قيل فيها:

منظرها البديع * ياروعة جلالو

تعجب حين تزورو* الجميلة الجميلة

هنا فيها الأدب حنتوب الجميلة

وهنا فيها الشباب* وتجلس على تلال

الشباب الشباب * العامل لي وطنو

وما داير ثواب   *  ليك أعظم رسالة

وبلدي تنيل منالا تعليم الجهالة

للنيل باقية شامة تنتشر المعارف

والهدهد علامة* الجميلة الجميلة

ومنسق نظاما * حنتوب الجميلة

نسيم حنتوب جميل هل سكنت يوماً في حنتوب أن الخضرة والبهاء يزيدها ألقاً وعلماً ونوراً ما سر هذا الإشراق الوهاج لم تعرف حنتوب بأقل من أنها حنتوب الجميلة. تكراراَ وتأكيداً بأنها جميلة. لم يزرها زائر إلا وإنها الجميلة الجميلة، ولا يرتادها مرتاد إلا وإنها الحميلة أيضاَ و لم يبق بين حناياها باق إلا و أنها كذلك الجميلة. الدخول إلى حنتوب، كان مثل دخول الفاتحين إلى مدائن محصنة بالجند والمانجنيق، لا يماثلها في وقتها إلا الدخول إلى جامعة الخرطوم (الجميلة ومستحيلة). لحنتوب جمال دائم مقيم، بالليل والنهار، في الصيف والشتاء وموسم المطر. الانطباع الأول في حنتوب هو الجمال. أما الانطباع المستدام فهو السحر الذي تخلفه عند أبنائها ومعلميها وروادها.

الدخول إلى حنتوب كان في موسم المطر، حيث ينزل عليها الغيث في  أرضها ووهادها، بتربتها الطينية الرملية المتماسكة. ولحنتوب جمال وزينة بأيدٍ ذات عناية فائقة، تدعمها طلمبة للمياه على شاطئ النيل، تضخ الماء تحت الأرض، لا يظهر الماء للعيان إلا وهو متدفق داخل الحدائق في المنازل والداخليات وقلعة المدرسة ويسألونك: ما الذي شكل جوانحك فغدوت شاعراً؟….. ولم يدروا أن الشاطئ يلهم، والخضرة تلهم، والشجر يلهم… وللناس وكل خلق الله قبائل.. وقد توطنت قبيلة طير الهدهد حنتوب وأنحاء حنتوب مما حدا بمستر براون أن يجعل الهدهد رمزاً للمدرسة، فطبعت صورته في الديباجة القماشية التي كنا نضعها على جيب القميص الأبيض.. كما تم تصنيع دبوس برونزي عليه رأس الهدهد، أكثر ظني في لندن وحنتوب كانت شهرتها ليست لها حدود هذه بعض من رحيق الجميلة ومستحيله حنتوب الجميلة.

Leave A Reply

Your email address will not be published.