“كابلي الأمة” بمعرض الزهور.. حينما أعزف يا قلبي الأناشيد القديمة
متابعات: ود أبو حامد
في الحفل الذي أقيم بالخرطوم لتكريمه في عام 2019، ردد “الكابلي” أبياتاً من قصيدته الذات الإلهية: اشتاق لقاءك يا ربي .. روحي لسمائك تسبقني .. أما أيدي والجسم الفان .. سيعود زهوراً ووروداً في تربك مرسمك الألوان.
رحل الرجل الأمة مُخلفاً تركة مثقلة بالفن النبيل، وألوان الزهور التي زانت أرضها، وأصبح بعضها ينافس بعضها، وشدت في روضها أسراب من طيور، وغمرت جوها أنفاس من عطور، تسكر غير كؤوس، من خمر النفوس، لا شك هي عروس، النيل وحدها..
تجسد كل ذلك ركناً أخضراً زاهي الألوان بمعرض الزهور السنوي برفاعة؛ معقل جمعية فلاحة البساتين؛ حيث عبق الجو بصدى صوتٍ ألِفته الآذان، وبقي رمزية وصوراً خالدة تحيا في ذاكرة أمة بأكملها، وبعثتها مجموعة “كابلي الأمة” وأعادت ترتيبها في نسق بهي ترتاح له العين بمعرضها الناطق بكل تفاصيل الجمال، والمتوشح بصور مؤتمر الدول الإفريقية والآسيوية، ومعرض مؤلفات الأديب؛ السفير كرم الله أحمد كركساوي..

وجاءت مشاركة المجموعة التي وفدت من الخرطوم لعلاقة الكابلي الخاصة بهذا الضرب من الجمال؛ ووفاءً لحبه وعشقه للزهور والورود التي توهجت كثيراً في عيون أغانيه..
يقول عضو المجموعة محمد إبراهيم نصّار أنهم يستهدفون من هذه النشاطات فئة الشباب الذين لم تتح لهم فرصة تداول، وسماع أغاني “الكابلي” وهو الذي تغنى للوطن، والشباب، وكتب في الشعر، والذات الإلهية، ومدح المصطفى صلى الله عليه وسلم..
والي الولاية المكلف إسماعيل عوض الله العاقب؛ الذي أعلن الانطلاقة الرسمية للمعرض، وصف “الكابلي” بأنه: رجل قامة وموسوعة تحوي الكثير.. ولم يخفي إعجابه وافتتانه بالراحل ومتابعته للتراث، وتمثيل كل ذلك في أغنيات تجري على ألسن الناس، بجانب طرقِهِ مجالات عديدة بإجادة الإنجليزية وتدريسها داخلياً وخارجياً، وبصماته الواضحة في مسيرة الأغنية السودانية، وتغنيه للجمال..

وأعلن “العاقب” جاهزيته لأي عونٍ أو دعم رسمي تحتاجه مجموعة “كابلي الأمة”.. ويشجع الرجل زيادة الكميات المراد طباعتها من الإصدارة المزمعة لثرائها وغناها بمعلومات ثرة عن هذه القامة الفنية التي جمعت العلم والثقافة والخلق والتهذيب والتدين معا في ثوب واحد..
ووفقاً لكتابات صحفية عن الكابلي؛ فإن موسيقاه مزيج من الأصوات الحديثة والتقليدية، وقد مثّلت آمال العديد من السودانيين في كفاحهم من أجل التقدم والهوية الوطنية. وكما وصفته شخصيات سودانية بارزة بأنه: “رمز للفن السوداني”؛ حفر اسمه في ضمير شعبنا بأحرف من نور..
قدّم الكابلي تراث السودان الموسيقي المتعدد، وعزف منفرداً على العود أو بمصاحبة فرقة أوركسترا كبيرة، وتناولت أغانيه الحب وموضوعات الأغاني الشعبية للبطولة والفروسية والسياسة..

وهو باحث في التراث الشعبي، مدقق متعمق، يحدثك عن كلمة “عركوس” الواردة في أشعار الحماسة عندنا، ويردها إلى عركسة الخيل واجتماعها، ويخبرك أن “النيمانج” في جبال النوبة لهم صلة بنوبة شمال السودان، وأن لهذا أدلته في لغات الجانبين وعاداتهم، ويخبرك بطرق الإنشاد بغير آلات موسيقية، وأساليبه في السودان.
كان الكابلي شاعراً كتب لنفسه وغنى، ولحن، فغنى لوطنه وللعالم الثالث “آسيا وأفريقيا”، و”يا قمر دورين” وغيرهما، وأعاد تلحين أشعار الحماسة التقليدية التي تحكي تراث الشجاعة والكرم والفتوة السودانية فسمع الناس “خال فاطمة”، و”بتين يا علي”، و”حليل موسى”، و”البشيل فوق الدبر”، أما غناؤه العاطفي فكثير متنوع، وحسبك “حبيبة عمري”، و”كل الجمال”، و”حبك للناس”، وغيرها الكثير.





