جمعية فلاحة البساتين برفاعة.. الكل لكل السودانيين
زارهم/ ود أبو حامد

لا شيء يضاهي الطبيعة وهي تأخذ مكانها بين البيوت وتتسلق الجدران، طلة بهية من فوق السور..
وقد اعتاد البعض تزيين بيوتهم وشرفاتهم بنباتات الزينة دائمة الخضرة لإضفاء حياة على الجدران الصامتة، وإدخال نفحة من الطبيعة إلى منازلهم؛ فتتحوّل ساحاتها إلى أحواض لزراعة الخضروات التي تسد الرمق وتوفر بعض المال، وتُجنبهم مخاطر لأسمدة والكيمياويات..
ووسط ذلك الزخم الأخضر؛ لا تخطئ العين وقار السنوات في تلك الوجوه النسائية المعتقة بتجارب الحياة، والمتشربة بروح الجمال والخضرة.. ومن بينهن الحاجة خديجة بدوي درار أمينة الخدمات بجمعية فلاحة البساتين برفاعة؛ التي اتخذت من من الخضرة مصدر رزق، وأسلوب حياة..

فقد التحقت بجمعية فلاحة البساتين في العام 1994م، واشتركت في كل المعارض بدءاً بالعام 1995م وحتى هذه النسخة التي تحمل الرقم (37)..
تقول درار: “جمعية فلاحة البساتين من الجمعيات الكبيرة التي لها وزنها على مستوى السودان؛ حيث تأسست منتصف فبراير 1988م، وأقامت أول معارضها بعد أسبوعين من تكوينها، ولا زالت تُقدم”..
تشارك درار في منافسة المنازل بدون ميادين، والعرض الداخلي في صالة المعرض. ورغم العنت والمشقة في هذا الأمر غير أنه يمثل هواية جميلة في تقديرها، فالنباتات تكون صديقة للإنسان؛ ولا يتحمل الابتعاد عنها وإهمالها، كما أنها تعطي البيت رونقه ومنظره الأجمل..
وللنباتات تصنيفاتها الطبية، والعطرية، والمخصصة للزينة، ومنها كالعنكب، والزاميا ما يمتص الروائح غير المحببة للإنسان في المنزل، بجانب السانسيبيريا التي تطرد الأرواح السالبة من المنزل. “تقول درار”..
أما الصباريات وعلى صغر حجمها، وعدم حب الناس لها؛ إلا إنها غالية الثمن مقارنة بأصناف أخرى أكبر حجماً من النباتات.

وتمنت “درار” أن يكون في كل بيت هاوٍ للخضرة والزراعة ليقدم ألوان الجمال، ويوفر عوامل الحصول على هواء نقي، فضلاً عن بعث السكينة وراحة النفس بسقيا تلك النباتات الرقيقة.
وتختزن النباتات فوائد كبيرة أبرزها الطبية كإكليل الجبل الذي ينشط الذاكرة، ويعالج الأمراض، وكذلك الجاتروفا التي تستخرج منها زيوت الديزل؛ وتبعث “درار” رسالة لكل المهتمين بالزراعة مفادها: “ضرورة الاهتمام بالجاتروفا التي يمكن أن تتحول لعلف للحيوان فضلاً عن فوائد أخرى جمة”.. بجانب “الأوليفيرا” التي تدخل في مستحضرات التجميل..
وتحث درار الشباب على زراعة البيوت والإنتاج، وإدخال روح الجمال، وتوعية الصغار بفوائد ومخاطر النباتات لجهة وجود أنواعٍ سامة كالأدينيم.. وهنالك أنوع عطرية تبث روح الجمال كالزنبق العطري، وملكة الليل، ويفرض ذلك كله ضرورة الاهتمام بالنباتات كمصادر للجمال، والعوائد المادية..

وفي الجوار؛ تستوقفك الحاجة أحلام أحمد الحاج الفادني التي تعتبر نفسها مبتدئة في مجال الشتول، غير أن لها شغفاً من نوعٍ آخر بالأزهار والبساتين؛ حيث تروي شغفها ذلك في ساحة منزلها.
تقول الفادني الموظفة بالرعاية الاجتماعية، أنشأت مشتلاً بسيطاً، وأعمل في إنتاج نباتات في المنزل منها الخضر، والفواكه، كمشروع أسرة منتجة، وزينة.. وحثت الجميع على الاتجاه للزراعة المنزلية لما فيها من ضمانات خلوها من الأسمدة والكيمياويات..
وتشير الفادني إلى أن عملها في هذا المجال يمكنها من الحصول على عائد مضاعف يتجاوز راتبها الشهري بكثير، وقد خصصت لذلك مائة متر من مساحة منزلها تزرعها بثمار الليمون، والجوافة، والعرديب، بجانب الخضروات، والنعناع..
ويمثل لها معرض الزهور السنوي موسماً لتلاقح الأفكار من خلال جلسات راتبة في دار الجمعية، وفي جمعية فلاحة البساتين الكل لكل السودانيين..
ويجمع ملتقى المهتمين بالشأن الزراعي والإنتاجي على ضفاف معرض الزهور، أصحاب المزارع لتبادل الخبرات، إضافة إلى تقديم فعاليات متنوعة، منها ورش وندوات متخصصة تساهم بتطوير الإنتاج الزراعي المحلي وتطوير وتشجيع الاستثمار في المشاريع الزراعية.

ويظل نشر الثقافة الزراعية بين الأوساط النسائية، وتدريب الفتيات والسيدات على الزراعة المنزلية والصناعات الغذائية البسيطة، بالإضافة إلى تمكين المرأة من الإنتاج الزراعي المنزلي، وتحقيق نسب عالية من الاكتفاء الذاتي المنزلي، فضلاً عن إعادة احياء التراث الشعبي الزراعي وتعزيز الابتكار الزراعي، مبدأ سامٍ ينبغي العمل من أجله..



