أفندية مشروع الجزيرة
حامد محمد حامد
في الحقيقة ليس هم أفندية تقليديون كما هو متعارف عليه في دواوين الحكومة بل هم رسل إرشاد ومعرفة ونقل مستجدات التحضر للمنطقة المروية ولمزارعي مشروع الجزيرة وسكانه من العمالة الآخرين ولا أقول هذا من باب طبيعة عملهم سواءً كانوا في خدمات الإرشاد الزراعي أو الحقلي أو الإداري أو الفني ولكن أعمال هؤلاء الأفندية اتصلت كلها واتسعت مع بعض وإليكم الدلائل التي تؤكد ذلك.
أولاً: الأمر الذي لا ريب فيه أن مشروع الجزيرة خلال الفترة ماقبل التأميم في سنة 1950م قد أصاب كثيراً من الأهداف التي من أجلها أُنشئ ونجح في إستغلال الموارد المادية والبشرية تماماً للوصول إلى تلك الأهداف ولكن في ذلك الوقت فشل في إحداث أي تغيير في حياة مجتمع المشروع ولكن بعد التأميم تم إنشاء مصلحة الخدمات الإجتماعية التي أحدثت متغيرات حضرية ومن تلك المتغيرات إدخال تعليم الكبار– التعاون بقيام جمعيات تعاونية- زراعة الغابات للحصول على الأخشاب-حطب الحريق– تأهيل الفاقد التربوي بقيام فصول دراسية تُعنى بالصاناعة- تجربة الفلاحة القروية بدءاً بقرية ود النعيم- إنشاء البساتين والمشاتل وبدأت التجربة بمنطقة مساعد- إدخال أنشطة الرياضة المختلفة وكان الأفندي أحمد عبد المطلب لعب دوراً ملحوظاً في إنشاء عدد من الفرق الكروية وقيام الأندية في أقسام مشروع الجزيرة بل إستطاع إدخال كرة السلة في أندية المشروع وأيضاً بنادي الإتحاد بود مدني وحظيت اللعبة بعد ذلك بانتشار واسع- قيام أندية الصبيان وخلف أحمد عبد المطلب زميله مرتضى وكان خير خلف– إدخال السينما المتجولة عبر عربة كومر متنقلة تعرض الأفلام التوثيقية عن الإرشاد الصحي والتعليمي وتعليم المرأة بالأنشطة النسوية في المنازل وكيفية تربية الأطفال الصغار والنشء بالسبل المعرفية هذا بجانب عروض رياضية وفنية ونقل أخبار الأجهزة الحكومية وكذلك عروض إخبارية لبعض الموضوعات الحية من دول مجاورة بجانب نقل أخبار إرشادية لمنظمات عالمية كمنظمة الصحة العالمية واليونسكو كما تعرض السينما المتجولة نشاطات أخرى خاصة لتقدم السودان في عدة مجالات وعروض أخرى تعنى بإدخال الحيوان في الدورة الزراعية بالمشروع التي استجد الحديث عنها اليوم ..
ولابد أن أسجل هنا للتاريخ بمداد من نور ذكر بعض أسماء الذين كانوا من ربان مصلحة الخدمات الاجتماعية بمشروع الجزيرة منهم على سبيل المثال لا الحصر مكي عباس الذي أصبح في عام 1955م عند السودنة محافظاً للمشروع حتى منتصف أغسطس 1958م وهناك أيضاً محمد عمر أحمد والإثنان أتيا من طلائع معهد بخت الرضاء أيام مستر “قريفث” كما قام الإثنان باستغلال مال المزارعين الاحتياطي البالغ 3% من أرباح المشروع.
وأشير هنا أن من الملحوظات الأخرى للأنشطة أن نادي الجزيرة بودمدني الذي تأسس عام 1928م كان معظم أعضاؤه ورواده من موظفي مشروع الجزيرة والري وهيئة البحوث الزراعية، وكان للنادي طقوس وليالي ساهرة شهرياً وإنجازات وكان يمثل هذا النادي شرياناً حياً ورئة للتنفس وكان المهندس عثمان النور مصطفى سكرتير النادي هو الدينمو المحرك للأنشطة كما كان لكبار موظفي مشروع الجزيرة دوراً في تجديد نادي سباق الخيل مع الدكتور/ صلاح عبد الرحمن علي طه في عام 1970 ولابد من الإشارة أيضاً أن موظفي مشروع الجزيرة ذوي الاختصاص كانوا يضطلعون بدور كبير ثقافي بتقديم محاضرات وندوات في الأندية ومن طلائع هؤلاء طه الجاك والهادي أحمد يوسف وأحمد محجوب وعمر عبد الله الكارب كما لعب سليمان بخيت دوراً في إنشاء جريدة الجزيرة الأسبوعية التي كانت لها عظمة معرفية وإرشادية وتعليمية .
وآخر إشاراتي أن التوظيف في مشروع الجزيرة كانت تحكمه أُسس منها ضمان السلوك الشخصي من ناحية الأخلاق العامة وضمان صحته وتحمله المشاق خاصة مفتشي الغيط ، بجانب الإلتزام بالانضباط العام.