حَسِيسُ السَابِلَة.. الحد الأدنى للإجادة
د. إبراهيم الصديق
عندما تطأ أقدام السابِلة جَادَّة الأرض المنبسطة وتمرّ عند ناظريهم مختلف المَشاهد في باحات الجامعة؛ يغطي حاضرٌ وثَّاب أديمَ أرضها البِكر بمشروعاتٍ طَموحَة وآملة، وتبقى تحت هذا الأديم المتطلِّع معادنُ التاريخ المؤسِّس للجامعة كأرضٍ ثابتة يتوارثها بَنوها لتكون العلامة والشامة ضمن ما انتضَاه العالَم من جامعات.
وكل ما وقعت عليه العينُ في المشهد الكُلِّي للجامعة؛ يجب أن يوحِي بالمكانة المنشودة، فعندما تتراصَّ الصورُ في مُخيِّلة الرائي يَنبُتُ الانطباع الأوَّلِي وتتشكَّل شخصية الجامعة في ذهن الناظر وتبرز عندها الأدوارُ التي يُناط بأدائها التجويد والإجادة. وبحسب بَعضيَّتنا من مكونات المحيط الجامعي الذي نُعتَبَرُ جزءً حَركيَّاً منه؛ فإن مشاهداتنا لطبيعة تكوين هذا المحيط من مثلث: (المورد البشري، الأصول الجامعية، والفلسفة الإدارية) تقتضي تذويب هذه الأضلاع في بعضها ليَقوَى الانتماء الجامعي ويستغلظ فيستوي عُوده ويتصف مجتمع الجامعة بالوحدة والاندماج.
ومهمة التذويب هذه تشترك في إجرائها أطراف متعددة يكون (المايسترو) فيها هم أهل الجودة والاعتماد الأكاديمي كوسيط يتحسَّس مَواطن الخلل كلها ويسهم في العلاج إسهام الساعي وليس الراعي المكلَّف؛ فعلى حَدِّ العِلم أنَّ جودة الجامعة لم تُخَصَّص لها حتى الآن -ما يكفي- من المخصصات ومُطلَق الصلاحيات التي تكفيها للنزول المباشر بمخططاتها الضخمة لحلحلة العوالق في مسيرة التجويد والإجادة بالجامعة؛ أكتبُ هذه الأحرف بينما أتلفَّتُ حولي في محيطي المكتبي لأجد رؤوساً للملاحظات تطلُّ حولي لتُعضِّد ما أظُنُّه يحتاج للنظر، فطفيف تحسينات ممكنة الإجراء في جملة قضايا كالإجلاس ومطلوبات العملية التعليمية بشكلياتها ومضامينها ونوعية وجودة (أدواتها) ودرجة الوفرة فيها؛ حتى في أساليب التواصل البيني في المُكوِّن البشري وطرائق التعامل بين فئاته من موظفين وعاملين وطلبة، وفي أدناها آنية الطعام والشراب. فالنظر برحمة لكل التقاسيم الصغيرة واجبٌ تكاملي تديره الجودة.. لئلا تبقى كل الكتابات عن الجودة والتجويد مجرد خواطر لا تعبِّر بالضرورة عن إرادة كاتبيها وأحلام يطول النوم بها فلا تتحقَّق!!
ويسعدنا حين نطيل النظر في (تابلوه) الجامعة؛ أن نلحظ (مؤشرات) الجودة قد بارحت خانة الحد الأدنى من الإجادة فنسمع وَقع أقدام السَابِلَة يزيد نحونا ويتنامى فنبني على أنغام هذا الحسيس..
فمحبَّةُ ما نعمل؛ هي المفتاح!!
بينما يسوئني أن أرى فينا مِظَنَّة المتنبي و(نقص القادرين على التمام).. فالإجادة طابع تميَّزت به الجامعة في منسوبيها، ومحبَّة التجويد نلمسُها في معاملاتنا الجامعية، وإدراك الجودة هدفٌ ينشده الجميع، وبحمد الله قد اعتُمِدت من كلياتنا ما يجعلنا نفاخر لتبلغ البقية ركب الاعتماد، فنرجو أن تقوَى أذرع الجودة بكليات الجامعة في وحداتها وتخرُج من حالة الاكتفاء بالواجب الذي اشتهرت به في (استمارة رأي الطالب في تنفيذ المقررات)!! البُدُّ الذي لا بُدَّ منه..
وحسيس السابلة نسمَعُهُ؛ وحديثهم كذلك الواجب الإنصات، لِنَعي ونُدرك أدوارَنا كشركاء في التجويد!!
وحتى حَسيسٍ آخر:
نتركُ السبيل مُعبَّدة للعابرين والسابلة..
وطريقٌ جديد سالك الآن للحرف الجيِّد، وبالغَدِ –إن شاء الله- جَوْدة..
وتحياتي!!
