إدمان الشاشات
مرج البحرين
د. إيهاب السر محمد إلياس
eihabelias1@gmail.com

أول ما يتبادر للذهن عند سماع كلمة إدمان، هو المخدرات والخمور وكثير من الأدوية الخطيرة، ولكن هنالك نوع جديد من الإدمان بات مهدداً للترابط الأسري، ومهدد لأحبابنا الأطفال؛ وهو: ارتباطهم بالتكنولوجيا والشاشات الذكية إلى حد الإدمان.
ولو نظرت حولك لرأيت العجب العجاب!! أحباب الله قد هجروا اللعب واللهو بالطين والصلصال، وصارت ألعاباً مثل: “شليل، وأم الصلص، وكمبلت؛ تاريخاً مضحكاً لهم وكأنها من العصر الحجري. نحن لا نلومهم فهذا زمانهم وهذا عصرهم، لكن نحن تهمنا صحتهم وتنشئتهم في جو أسري تشوبه الحميمية، والأمن، والطمأنينة وأن يكون ما يتعرضون إليه من مواد أجنبية غريبة تحت السيطرة والمراقبة.

يناقش كتاب Glow Kids من تأليف الدكتور Nick Kardaras وهو طبيب نفسي متخصص في علاج الإدمان وكبير المستشارين في مركز علاج الإدمان في نيويورك، مشكلة تعلق الأطفال بشاشات الهواتف والحواسيب اللوحية وتأثير ذلك على الدماغ، وإحداثه للكثير من الحالات النفسية مثل التعرض لنوبات القلق، والاكتئاب وحالات فرط العدوانية.
كما يناقش الكتاب العوامل النفسية، الاقتصادية، الثقافية والاجتماعية المرتبطة بالاستخدام الشائع للتكنولوجيا وكيفية تأثيرها على الأطفال، بالإضافة إلى تناول بعض القصص والتجارب الواقعية من حياة بعض الأطفال والمراهقين المدمنين على الوسائل التكنولوجية.
ويُقدم الكتاب بعض الحلول والنصائح للآباء في كيفية إرشاد الأبناء نحو الاستخدام الصحيح للتكنولوجيا مع تقديمه أيضاً لبعض الاختبارات البسيطة المساعدة لهم في تحديد الإدمان وكيفية تجاوزه. وهو كتاب جدير بالاطلاع عليه ويقدم الكثير من المعلومات المفيدة.
أخيراً؛ مهما قدمت التكنولوجيا الرفاهية والدعة والراحة؛ إلا أنها ستكون دوماً خصماً على أيامٍ خوالٍ كان الترابط الأسري فيها كبيراً، وصارت الأسر الآن تتمنى أن تجمعها وجبة الغداء فقط بعد أن اكتفى الجميع بهذه الشاشات العجيبة، فصرنا نبحث عن لحظات دافئة وسط هذه الشاشات الباردة العواطف. حمى الله أطفالنا من هذا الشر القادم الذي اجتاح حياتنا البسيطة باسم العولمة هذا مع فائق التقدير والأمنيات الطيبات.