اقتباسات
أ. د. عبدالله محمد الأمين النعيم
“شگل التمزق والفصام بين القيادة الفكرية الإسلامية والقيادة السياسية الاجتماعية الأساس لتراجع الطاقة المسلمة وتمزق النسيج المسلم وتدهور الفكر والأنظمة الإسلامية وانحطاطهما وفتح الباب واسعا أمام قوى التدهور والفساد والانحطاط.
وأخذت طاقة دفع الاسلام تخبو تدريجياً وتتضاءل، ولم يبق لحضارة الإسلام وعطاء الأمة في العصور المتأخرة إلا بقايا طاقة معالم الإسلام ونور هدايته في النفوس.
وقد مثل هذا الفصام التربة الخصبة لأمراض الأمة اللاحقة والتي جعلتها اليوم تقف عاجزة ومهددة في صميم وجودها وكيانها أمام التحدي الحضاري الغربي المعاصر، فقد أدى هذا الفصام النكد أولاً إلى عزل القيادة الفكرية عن المسؤولية الاجتماعية والممارسة العملية، وهذا بدوره كان العامل الأساس والأهم خلف عجز العقل المسلم وضموره حتى انزوى في أروقة المساجد بين طيات الكتب النظرية والتاريخية التي تعنى في جوهرها بأسلوب وصفي ومنهج لغوي في معرفة غايات ومرامي نصوص الكتاب والسنة ومحاولة الحيلولة بين السلطان وأتباعه وبين استعمال هذه النصوص كوسيلة وأداة لتأصيل انحرافاته وانتهى الأمر بهذه المعركة إلى ماعرف بقفل باب الاجتهاد….وأنكفأ العلماء على ما في أيديهم في صحون المساجد بعيدا عن كل حادث وجديد.
وقد أدى هذا الفصام النكد ثانيا إلى جهل القيادة السياسية وحرمانها من وجود قاعدة فكرية تخدمها وتواكب معها المتغيرات وتمدها بالفكر والسياسات والبدائل.
فلا غرابة أن تتحول القيادة السياسية في مجمل تاريخ الدولة الإسلامية إلى سلطة مستبدة غشوم تأخذ الناس بالقهر والخسف ولا يكون للشورى ومشاركة الأمة مجال ولا نصيب في تسيير شؤون الأمة وتوليد قناعاتها وطاقة بذلها وعطاءها.
ولا غرابة أيضا أن ينتهي الأمر بمجمل الأمة إلى الاضمحلال والانحسار والتراجع الحضاري في الكيان النفسي والفكري وفي المؤسسات والنظم” عبدالحميد أحمد أبوسليمان : أزمة العقل المسلم، ص٤٨_٤٩..