شيرين أبو عاقلة.. حق غير المسلم في شرعنا
د. آمنة الطيب عبدالرحمن
اشتعلت وسائل التواصل الاجتماعي بعد مقتل الصحفية شيرين أبو عاقلة، وتناول كُثر جواز الترحم على غير المسلم من عدمه..
استوقفتني خاطرة أ.د فخر الدين بن الزبير المحسي بعنوان: العقل قبل العلم بالحكم.. الترحم على غير المسلم نموذجاً!!!
ذهب الكاتب إلى أن الله كرّم عقل الإنسان، وجعله وعاءً ومناطاً للتكليف فلا تخاطب الشريعه غير العقلاء..
وصاغ مسوغات ما يلينا منها في هذا المقام: (من يخاصم بجواز الترحم على غير المسلم ويهاجم ويشغل العالم يحتاج إلى عقل قبل العلم بالحكم) فهو انصراف إلى معركه وهمية: فهم لا ينتظرون ترحماً منكم، وﻻ يعتدون بدينكم، وﻻ يعبأون بدعائكم لربكم)..
كما أن المسلم ﻻ ينتظر دعاءً وترحماً واستغفاراً من يهودي أو نصراني أو مجوسي)..
كل مايحتاج إليه غير المسلم المسالم مما يفيده واقعياً في دنياه خمسه أشياء اقتضبها الشيخ الكاتب في نقاط خمس؛ فآليت على نفسي بحثها والتوسع فيها للوقوف على حق غير المسلم في شرعنا وإفادة القارئ وتذكيره..
الحق هو: ما استحقه الإنسان على وجه يقره الشرع ويحميه، فيمكنه منه ويدفعه عنه.
إن سماحة الإسلام تتجلى في إن عاش غير المسلمين في كنف الدولة الإسلامية قروناً من الزمن متمتعين بجملة من الحقوق التي تضمن لهم حياة كريمة يطبقون فيها دينهم ويعيشون في جو آمن مستقر وهذه الضمانة مصدرها شرعنا الحنيف الذي أوصى بالأخلاق الحسنة والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة ونشر مبادئ العدل والتسامح ورفع الظلم عن المظلومين، وإحقاق الحقوق ومحاربة الإفساد والطغيان بكل أشكاله، وأن ينعم أفراد المجتمع بكامل حقوقهم على اختلاف أعراقهم وأديانهم..
تجنب سبهم أوسب معبوداتهم (وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ) هذا السلوك الإنساني الرفيع مبني على اعتقاد مبدأ التعددية وحرية الرأي للطرف الآخر وقبول اﻻختلاف، والشعور بالإخاء الإنساني والتعاون معهم على البر والإحسان وﻻ بأس من التكافل مع غير المسلمين من أجل تحقيق المصالح العامة والخير المشترك..
مثال ذلك المعاهدة التي وقعها النبي صلى الله عليه وسلم مع اليهود أول هجرته إلى المدينة التي وضع فيها القوانين العامة التي تحكم المدينة بما يحقق الأمن والسلام والتعاون والخير للجميع..
*التكافل اﻻجتماعي:
معنى التكافل أن يستشعر كل فرد بأن عليه واجبات تجاه الآخرين كما أن له حقوق عليهم (لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)..
*عدم ظلم غير المسلم
الظلم في الإسلام منهي عنه مع المسلمين وغيرهم؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا من ظلَم مُعاهَدًا أو انتقصَه، أو كلَّفه فوقَ طاقتِه، أو أخذ منه شيئًا بغيرِ طيبِ نفسٍ؛ فأنا حجيجُه يومَ القيامةِ).
والمسلمون مأمورون بتحقيق العدل مع جميع الناس سواءً مسلمين أو غير ذلك قال الله سبحانه وتعالى: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُونُواْ قَوَّٰمِينَ لِلَّهِ شُهَدَآءَ بِٱلْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَـَٔانُ قَوْمٍ عَلَىٰٓ أَلَّا تَعْدِلُواْ ۚ ٱعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌۢ بِمَا تَعْمَلُونَ)..
*كيفية دعوة غير المسلم للإسلام
قال الله تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ).
أصل الدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن، وهذا يعني أن الإسلام حريص كل الحرص على هداية كل إنسان ودخوله للإسلام..
هذا هو ديننا السمح وشريعتنا السمحاء تأمرنا بالتعايش السلمي مع غير المسلمين وبالتكافل معهم في المصالح المشتركة وبعدم ظلمهم وبالعدل وبدعوتهم للإسلام بالحسنى ومجادلتهم بالحسنى..
هل أشعلنا “نحن المسلمين” وسائل التواصل الاجتماعي بهذه المعاني الساميات لشرعنا وأوصلنا سماحته لغير المسلمين..
هل “نحن المسلمين” الآن يشد بعضنا بعضاً!؟ وهل “نحن المسلمين” إخوة؟ المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره.. هل نطبق نحن المسلمون: “كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه”..
وهل.. وهل.. وهل طبقنا شرعنا في مناحي حياتنا كلها التي لم يترك فيها شاردة ولا واردة؟