الخطط الإسكانية بالجزيرة.. ” تفاصيل المشهد”

0 856

تقرير: راشد حامد عبدالله

لأكثر من ١٦ عاماً لم يتحصل مواطنون بالجزيرة على قطعٍ سكنية بحسب ما أكده مسؤول رفيع بوزارة التخطيط العمراني..

الوزارة ومصلحة الأراضي أعلنتا طرح مخططات سكنية أبرزها بمدينة ود مدني تحديداً “الريان، والفردوس”..

إلا أن السلطات وكما ذكر وزير التخطيط العمراني المكلف فضل المولى أبوسالف عدلت عن مخطط “الفردوس” وألغته تماماً، بعد أن وجدت مواقع إستراتيجية قال إنها أكثر مرونة من حيث الإجراءات، ومساعدة المواطن على البناء والتشييد..

الوزير المكلف قال في حديث إعلامي إنهم حددوا فردوساً آخر يتضمن أكثر من ثلاثة آلاف قطعة سكنية..

أما مخطط الريان فقد جُمعت أراضيه التي قدرها الوزير بنحو 900 قطعة، داخل “الكيس” في انتظار الحادي والعشرين من أغسطس الجاري الموعد المعلن لبدء سحب القرعة..

الوزير أكد مُضيهم بخطوات تختلف عن ما كان عليه العهد السابق، وتبرئة الأرض، وتعويض مُلاكها.. وذكر أنهم يعملون في مواقع إستراتيجية وقريبة- لم يسمها- لطرحها كخطط “مخدومة”..

وحددت السلطات ثلاثة مراكز لسحب القرعة بـــ” محلية مدني الكبرى، الوحدة الإدارية مدني شرق، مفوضية الانتخابات بالحي السوداني” ونشرت بها كشوفات المتقدمين منذ العام 87- 2022م..

ولعشرات السنين ظلت مواقع بشرق النيل، والشكابة دون سكن لغياب الخدمات..

فضل المولى أبوسالف

**رسوم عالية

وحددت الأجهزة المختصة مبلغ 950 ألف جنيه كرسمٍ للأراضي نظير الخدمات، غير أنه قوبل بموجة احتجاج واسعة..

ويوضح أبوسالف في هذا الشأن بأن قيمة الأرض 80 ألف جنيه، زائداً 20 ألف جنيه رسوم إدارية وهو ما يلي الجانب الحكومي، أما متبقي المبلغ فيذهب لخدمات: “المياه، الكهرباء، الطرق”.

ووقعت ولاية الجزيرة اتفاقاً مع شركة عبد العظيم عبد المجيد للتجارة والإستثمار والتشييد لتوفير خدمات الكهرباء والمياه لمخطط الريان الجديد بمدني..

ورأت في الإتفاق تعزيزاً لإعلان 2022م عام للإسكان، وتغيير وجه حواضر المحليات بالتركيز على مدينة مدني بتشييد وتأهيل الطرق والجسور والنهوض بخدمات المياه والكهرباء والصحة والتعليم..

أبوسالف قال إن الشركة خفضت الكلفة القياسية التي حددتها وزارة البنى التحتية بنسبة مقدرة، وأن الإتفاق يعد الأول من نوعه في تنفيذ الخطط الإسكانية بإشراك القطاع الخاص..

والي الولاية أعلن أن الرسوم لن تکون سبباً لحرمان أي مستحق في الخطة الإسكانية، والتزم بتوصيل القطع للمستحقين، وقال: “من لا يستحق الدفع نحن ندفع عنه”..

**التمدد العشوائي

مؤخراً؛ أوقفت السلطات طرح أرانيك جديدة استناداً على مبدأ: “عدم طرح أرانيك مقابل المال وإنما توفير خدمات”.. في حين تواصل الأجهزة الفنية والهندسية تخطيط مواقع وُصِفتْ بالاستراتيجية في مسعى لقطع الطريق أمام تمدد السكن العشوائي..

الوزير المكلف أعلن محاربتهم للسكن العشوائي بخططٍ مدروسة وليس بنعراتٍ وغيرها ذلك في سبيل القضاء على أي سكن غير مشروع.. وأيما أرضٍ خالية حول المدينة يستحق أن يسكن فيها المواطن، ستستغل لهذا الغرض..

**الخطط الإسكانية

وبالعودة للخطط الإسكانية، فإن الأولوية فيها ستكون لود مدني وبشروط وصفها الوزير بـــ” القوية” لتثبيت حق المدينة تبدأ بأداء اللجان القسم على الملأ، وأداء المستحقين القسم بعدم منحهم أرضاً على نطاق السودان..

وسيجري الإعلان وفقاً للوزير المكلف عن سحب القرعة بمخطط سكني “جنوب الجزيرة” لسكان الأرياف.. وإيقاف منح أراضٍ سكنية غير “مخدومة” إنهاءً للمعاناة الطويلة للمواطن..

وأدى إعلان سحب القرعة بمخطط الريان إلى تراجع قيمة الأرض بنسبة 30% ورجح أبوسالف تدنيها إلى 60% ببدء السحب الفعلي، وعدّ ذلك محاربة للسمسرة، والأوراق التي تدور كصكوك داخل الأسواق..

وتشهد نهاية أغسطس بدء سحب القرعة على أربعة آلاف قطعة سكنية بمنطقة طابت بمحلية الحصاحيصا بعد غياب 20  عاماً..

وزير التخطيط العمراني

وأعلن الوزير المكلف وقف الاستثناءات كافة، والبيع المباشر للقطع السكنية، واتخاذ الإجراءات اللازمة بشأن الأراضي التي يمتلك أصحابها عقوداً ويتضح أن بها قطعة في التسجيلات، حيث تقرر رفض هذه القطع، ومصادرتها عبر الأراضي والبحث عنها وطلب تفاصيلها..

وفي شأن التعويضات يقول أبوسالف إنها بلغت 801 في الريان متجاوزة الرقم الموضوع وهو 608، فيما بلغت التعويضات في الفردوس 1620 من مجموع 3213 قطعة..

وأكد أنهم لم يظلموا أحداً، وأن مشروع الجزيرة يختلف عن المشاريع الأخرى بحيث تكون القطعة باسم شخص وفي التسجيلات باسم شخص آخر.. وكثيراً ما يحدث جبر للضرر سداً للثغرات.. مضيفاً أنهم تفادوا أشياء كثيرة في الفردوس، وعملوا على إبعاد المشاريع الزراعية، وتخطيط الأراضي الخالية، واستخراج التعويضات لها..

وتخطط وزارة التخطيط قبل نهاية العام 2022م، للطواف على كل المحليات لإكمال ملفات الأراضي، وإنهاء التكالب عليها وقفل هذا الباب نهائياً..

**سماسرة الأراضي

ولا تنكر السُلطات أن الأراضي هي أسهل وسيلة للكسب المالي، ولكن الوزارة المختصة بحسب أبو سالف تعمل حالياً على: “قفل كل المواسير”، وتوعد الرجل بإخضاع أي موظف تحوم حوله شبهة فساد للتحقيق، مضيفاً أن تحقيقاً يجري مع مهندسين في قضايا أكشاك..

وفي الأثناء ينشط سماسرة الأراضي، ويرى والي الولاية تكاثرهم هذه الأيام أمراً طبيعياً، والسمسرة في اعتقاده تكاد تكون “وظيفة رسمية” وظاهرة طبيعية متأصلة في السودانيين يتأتى علاجها بتوجيه موارد الدولة في الأراضي وغيرها؛ مباشرة للمستحق..

**تخطيط سوق ود مدني
في غضون ذلك؛ يدور لغط كبير حول إعادة تخطيط سوق ود مدني مربع 50 وهو المقترح الذي قال الوزير إنه أُجيز في 2004- 2005م لتحويل منازل حكومية إلى مواقع تجارية بقرار من مجلس الوزراء وليس الأراضي.. وجرى تنفيذ المشروع الذي لم تعترضه سوى عقبة منزل حكومي مخصص للمواصفات والمقاييس، وتم تعويضهم موقع آخر غرب سوقطرة.. 

ويبدو أن تغييراً كبيراً جداً حدث في الخارطة المتكاملة للسوق ما يفرض الحاجة لإعادة تخطيط مواقع بعضها داخل الأحياء، وأخرى منحت بطريقة وصفها أبو سالف بغير الشرعية أحدها كان مخصصاً للأوقاف وتم منحه لجهة لاستغلاله كــــ”كوافير”، حيث تم نزع الأرض بقانون 1994م وإعادة تخصيصها لمرضى السرطان، وتسجيلها باسم وزارة الصحة..

إسماعيل عوض الله العاقب

**سوء أحوال

ويقر والي الجزيرة المكلف إسماعيل عوض الله العاقب بسوء أحوال “الموقف العام” وهي مسؤولية المحلية التي تسندها الولاية، وهنالك ترتيبات لأعمال نظافة ولكنها فيما يبدو لم تكتمل في صورتها النهائية وتندرج تحت بند: “الأعمال المستمرة”..

ويقع ضغط كبير على السوق باعتبار أن ود مدني لا زالت تشكل مرجعية للأقليم الأوسط، وما تشهده من اكتظاظ سببه المرافق الصحية، ويبقى عمل السوق بنظر العاقب في حاجة لتضافر الجهود..

**المدرسة الشرقية
قضية أخرى طفت على السطح ممثلة في مدرسة أحمد عبدالعزيز الأساسية المتعارف عليها بـــ”الشرقية” والتي تعتزم السُلطات بيع موقعها المتوسط للسوق، وتأسيس مبنى بديل متعدد الطوابق يواكب النمو والتطور العمراني..

وتحصر السُلطات أسماء الذين صدقت لهم المحلية محالاً تجارية وتراخيص بالمدرسة، لتعويضهم مواقع بديلة..  وقال الوزير: “إن لم نجد البديل، لن نشرع بتكسير المدرسة”..

وبرغم وجود جهات مختصة معنية بالفتوى الفنية حول المدرسة، إلا أن ذلك لا يمنع فتوى السلطات التنفيذية في الناحيتين الأمنية والمجتمعية، فالوسط الذي توجد فيه المدرسة “السوق” ليس بيئة صالحة للتنشئة في مرحلة التأسيس التربوي..

هذا العام لن يتم قبول طالب في الحلقة الأولى بمرحلة الأساس بالمدرسة. يقول والي الجزيرة المكلف.. كما يؤكد أنهم لا يسعون وراء البيع.. وألمح إلى إجرائهم مشاوراتٍ مع مؤسسة معروفة حول مدرسة قديمة بمنطقة بانت لبحث إمكانية بنائها رأسياً بنظام البوت عبر الشراكة مع الولاية، ومؤسسة التطوير العقاري، وصندوق الإسكان، ووزارة التخطيط..

المحتجون على تجفيف المدرسة كما ذكر العاقب، هم أنفسهم أصحاب مقترح التجفيف قبل سنوات، بيد أن التقلبات السياسية، وتحرك الملف في عهده كوالٍ يوصف بـــ“الإنقلابي الكوز” غيّر المواقف، وجعل الأمر مُحرّماً..

**طمع المحلية
ملف آخر لا يقل أهمية شمله حديث الوزير المكلف بالمنبر الإعلامي لوزارة الثقافة والإعلام، حيث تم منح المحلية موقعاً لبنائه رأسياً وتسكين أصحاب الأكشاك، ولكن للأسف الشديد يبدو أن المحلية طمعت في الموقع ونكصت عن منح الأكشاك رغم أن بعضهم اشترى بحر ماله، ويملك شهادة بحث..

**أبراج للمغتربين
ويدخل شارع النيل ضمن خطط التطوير العقاري والعمراني للمدينة، ويتحدث الوزير المكلف عن اتفاقٍ مع مغتربين لإنشاء أبراج على شارع النيل عبر شركاتهم، وستعمل السلطات على تمكين “ناس مدني” من السكن أولاً، وطرح المتبقي للاستثمار.. 

**إحياء الخطط الإسكانية
في أروقة مصلحة الأراضي؛ ورغم العمل في ظروفٍ بالغة التعقيد إلى حدٍ كبير بسبب تركةٍ مثقلة كما أشار المدير العام صلاح المدني، إلا أنها استطاعت في فترة وجيزة تجاوز كثيرٍ من العقبات، ووضع قدمٍ على أرضٍ صلبة رغم موجة الانتقادات الموضوعية وغير الموضوعية..

والخطط الإسكانية وفقاً للمدني، ظلت حُلماً منذ العام 1986م، وكانت آخر خطة في العام 1996م إلا أنها توقفت لفترة طويلة بسبب تقاطعات في مشروع الجزيرة تذللت فيما بعد ولكنها أتت مبتورة بعدم الخدمات رغم سداد المواطنين للقيمة المالية المطلوبة..

وقياساً على تجارب سابقة، فقد تمت في العام 2007م خطة إسكانية بالحصاحيصا “مربع 126 أركويت” برسمٍ عالٍ لاقى احتجاجاً من المواطنين، غير أنه تم توصيل الخدمات، وإسكان المواطنين..

بينما تم توزيع خطط إسكانية منذ العام 1986م ولكنها لم تر النور لافتقارها الخدمات ومثال لذلك شرق ود مدني..

ويرى المدني في رسوم الخدمات “مسألة مشاركة وليس تحصيل” فالمواطن في نظره مشارك وصاحب حق أصيل في تنفيذ هذه العملية وإكمالها..

و”الأراضي أصبحت مضاربات في السوق، وما في زول بستفيد منها” يقول مدير عام المصلحة. وتستهدف المرحلة الحالية مستحقي 92- 2022م تحديداً الشباب.. كما تستهدف إعادة الثقة المفقودة بين الدولة والمواطن في شأن الأراضي، وهنالك خطوات جيدة إلى حد كبير يتفاءل المدني بأنها ستساهم في حل مشاكل الإسكان، وتسليم أي مستحقٍ قطعة أرض..

صلاح المدني

**السكن الرأسي
رؤية مصلحة الأراضي المستقبلية مصوبة للسكن الرأسي لحل الضائقة الكبيرة، ووقف التوسع على حساب الأراضي الزراعية، وتقليل كلفة الخدمات، وجذب رؤوس أموالٍ عالية تساهم في النشاط الاقتصادي، وخلق فرص عمل للشباب..

وتستهدف المصلحة مواقع بعينها ويدخل في خطتها الإشلاق ومحيطه، ومنطقة المطبعة الحكومية، والبطري، فود مدني على كِبر اسمها، إلا أنها في نظر مدير عام المصلحة تبقى صغيرة الحجم في النواحي العمرانية ما يتطلب عملاً كبيراً للارتقاء بالسكن رأساً في ظل تضاؤل المساحات الأفقية..

ويتحدث والي الجزيرة المكلف عن ما قال إنه تفاهمات مع الشرطة، ووزارة الداخلية، ومخاطبات، ودراسات، لبناء إشلاق بديل يتضمن عمائر سكنية، وخدمات شرطية، ومرافق أخرى..

وفي ظل تنامي تيار مناهض لقيام السكن الرأسي، تعهد وزير التخطيط العمراني المكلف، بإنجاز هذا المشروع كتحدٍ واضح لأصحاب الغرض..

أخيراً؛ تبقى التجاوزات في الأراضي كما تؤكد السلطات قيد الإجراءات، ومنها ما لمسته لجنة التمكين المجمدة في وقت سابق، ومنها ما مضى، لتظل الصورة غير واضحة المعالم والأبعاد في ملف يظل هو الأعلى كعباً في الجزيرة..


Leave A Reply

Your email address will not be published.