التنمية والعادات الاجتماعية
د. هبة سيد
كما أسلفنا فان التنمية هي: الإنسان وكل ما يخص حياته الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والفكرية، وغيرها من الحاجات المتجددة المتنوعة بتغير الزمان والمكان. ورغم هذا فإن المجتمع يحافظ على بعض العادات التي تميزه عن غيره من المجتمعات، ولكن السؤال الذي يتبادر للأذهان هل هذه العادات والتقاليد موجبة في كلياتها؟ الإجابة قطعاً لا ويبرز دور التنمية هنا فى ترسيخ العادات الموجبة والمحافظة عليها، ومحاولة تغيير السالب منها. وقصدت الكلمة الأولى (ترسيخ) لأنها دوماً ممكنة على عكس التغيير الذي دوماً ما تواجهه مقاومة.
ولتقريب الفهم فإن العادات الموجبة يمثلها الضبط الاجتماعي مثلاً: المرأة في السودان المجتمع لا يتقبل تدخينها بأي حال وهذا موجب لأنه يحافظ على صحتها وصحة جنينها إذا كانت حاملاً، وهنا يمثل المجتمع أداة ناجحة لضبط النساء وهذا ما تبحث عنه المجتمعات الغربية عندما تفتح الهجرة أمام الدول النامية.
أما السالبة فيمثلها ختان الإناث رغم المجهودات الكبيرة التي بذلت في هذا الشأن مازال موجوداً في بعض المناطق، ويتطلب ذلك رفع الوعي الذي دوماً ما يشكل أهم مساعد للتنمية والحفاظ على الإنسان، فلا ننسي الكارثة التي حدثت لأهلنا بفداسي وحصدت الأرواح نسال الله أن يتقبلهم ويسكنهم فسيح جناته لعدم وعيهم بأن الشاحنة سوف تنفجر لا نقول ذلك اعتراضاً على قدر الله ولكن نرجو أن نستفيد من هذه التجربة الموجعة المريرة ونحاول نشر الوعي في كل الوسائط الإعلامية لكي يبتعد الناس عن هذه الشاحنات القابلة للاشتعال.
رفع الوعي مهم جداً في ظل العولمة التي غزت بيوتنا وشاركت الأمهات فى تربية أبنائهن ويحضرني تعريف جميل للعولمة قدمه محمد العسكري لمجلة العربي: (العولمة هي الأعمى يصف الفيل أينما يضع يده يصف) بمعنى أن كل إنسان يراها حسب تخصصه؛ فنحن أكاديميون مختصون في التنمية نخاف من الآثار السالبة للعولمة على الإنسان غير الواعي أو غير رشيد في تعامله مع كل القضايا التي تهمه وهذا ما نراه واضحاً في ثقافة أبنائنا وشبابنا اليوم فهم يفعلون مالا يدركون هدفه: (الملابس، اللغة، الأكل، الهويات، القراءة…الخ) ويهتمون بالشكل الظاهري أكثر من امتلاكهم للقيم والثقافة المفيدة، لا أقول كلهم ولكن العين دائماً ترى السالب قبل الموجب لأنها فطرت على الخير فهناك شباب جاد مهذب مثقف نسأل الله أن يحفظه للبلاد ولكي نزيد عدده نحتاج لتضافر مجهودات كل المؤسسات التعليمية، وسائط الإعلام والأسرة على وجه الخصوص الأمهات للحفاظ على مجتمعنا واستمراريته.