شذرات فكرية.. تعنت الوزير دهب وإضراب لاجسو المرتقب
د. السماني محمد حمد النيل
كنا قد راهنا إبان تقلد البروفيسور دهب وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، بأن الوزارة موعودة بنقلة كبرى في أداء وظائفها، والقيام بأدوارها بكفاءة وجدارة مما يشي بإعادة سيرة هذه الوزارة على الأمثلية التي عُرفت بها..
بدأ وقتها البروفسور دهب متعاوناً مع لجنة أساتذة الجامعات السودانية (لاجسو) وسُررنا بذلك، وقد تفاعل البروف دهب بصفته الوزارية وانتمائه الوظيفي لأساتذة الجامعات في تفهم قضية الهيكل الراتبي..
وقد سجلت في صالحه بعض النقاط الإيجابية لحظة تعاطيه مع هذا الملف الشائك من ذلك مقولته المشهورة: “إن لم استطيع حل قضية الأساتذة سوف أترجل عن الوزارة”..
وقد وفق الرجل في بعض الحلول الجزئية لمعضلة وقضية الهيكل الراتبي لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات – وبعدها بكل أسف – قام بتجفيف قنوات التواصل مع (لاجسو) بل وأوصد أبواب وزارته مع اللجنة..
يذكر وفقاً لتوضيحات لجنة لاجسو السابقة بأن اتفاقاً كان قد أبرم بينها والسيد الوزير بأن يباشر السادة الأساتذة أعمالهم وفقاً لبنود هيكل راتبي استثنائي على أن تتم المعالجة الجذرية في بنود ميزانية العام (2023م)..
فما كانت لهذه الخطوة أن تتم إلا تقديراً من أعضاء هيئة التدريس بالجامعات لظرف أبنائهم الطلبة..
ومن ثم عادت اللجنة من جديد مستفسرة عن وعود ما وعد به في العام السابق وخاصة أن ميزانية العام الجديد في طور الإعداد الذي يسبق بطبيعة الحال إجراءات التنفيذ..
إلا أن ما يؤسف له؛ هو رفض الوزير دهب مقابلة أعضاء اللجنة دون حُجه تذكر أو منطق يستند عليه، وقد اشتكى ممثلو لجنة الأساتذة من عدم تعاون السيد الوزير معهم بل والمحبط حقاً رفضه مقابلة أعضاء اللجنة والإستماع إليهم؟!..
وقد كانت أبواب وزارته في سابق الأيام مفتوحة لهم ومُرحبة بهم؛ بل إن السيد الوزير ظل وعلى الدوام متعاوناً معهم ومتفاعلاً مع قضيتهم..
وقد استدعى هذا الفعل وضع علامة استفهام أستخلصت منه لجنة الأساتذة عدم التعاون، ولذلك باشرت اللجنة في الإنحياز لخيارات أخرى تمكنهم من الوصول لمطالبهم المُجازة ونيل حقوقهم المشروعة ” كاملة من دون منقصة أو تسويف..
الوزير دهب نفسه هو في الأصل “أستاذ جامعي” وممن يكتوي بالظروف نفسها التي يعيشها أقرانه وغداً سوف يتم إعفاء دهب من منصبه وحينها سوف يدرك أن عدم تعاونه مع اللجنة خطأ كبير”..
وليعلم دهب أن أساتذة الجامعات هم وحدهم من يقرر بقاء دهب أو ذهابه عن كرسي هذه الوزارة”..
لذلك نُنصح السيد الوزير بالتعاون مع لجنة الأساتذة والجلوس معهم والسماع لمطالبهم لأنه هو القناة التي تمر عبرها مطالب الأساتذة وعند بدء الإضراب سوف يفتح لهم أبوابه..
لجنة أساتذة الجامعات السودانية عندما تبدأ في تنفيذ الإضراب حينها سوف تبدأ المبارزة بينها ووزارة المالية التي عودتنا بنيل حقوقنا بالملاواة والإضرابات عن العمل”.. “وماضاعت حقوق خلفها مطالب”..
وتطل علينا هذه المرة (لاجسو) مطالبه حكومة السودان ممثلة في وزارة المالية بالإيفاء بما وعدت به من قبل في مطلع العام المنُصرم فيما يتعلق بتطبيق الهيكل الراتبي المجاز برقم (522) من رئاسة مجلس الوزراء، وذلك فيما يتعلق بحقوق الأساتذة وتنفيذ بنود الخدمة..
وقد تمت هذه الخطوات بعد قرار خروج الأساتذة من الخدمة المدنية ليتم منحهم هيكل راتبي خاص بهم، وقد تقبل الأساتذة تطبيق الهيكل بصورته الحالية إلى حين تنفيذ بنود الخدمة الخاصة بالأستاذ الجامعي وإكمال الهيكل في مطلع العام القادم”..
وأجرت لجنة أساتذة الجامعات السودانية (لاجسو) في نهاية الأسبوع المنصرم إستفتاءً للأساتذة بأخذ رأيهم للوصول للخيار الأنسب الذي يؤدي لنيل حقوقهم ويتحمل خيارين: إما إستئناف الإضراب أو المواصلة بهذا الحال وانتظار ماتفعله وزارة المالية خاصة أن ميزانية العام الجديد سوف يتم رفعها بنهاية شهر أكتوبر الحالي على أن يتم تنفيذها في مطلع العام ثلاثة وعشرون”..
وجاءات نتيجة إستفتاء الأساتذة مرجحه كفة إستئناف الإضراب من جديد بالضغط على وزارة المالية بالإيفاء بحقوق الأساتذة حسبما وعدت به..
وكان هناك إتفاق واضح وصريح بين وزارة المالية ووزارة والتعليم العالي وتجمع (لاجسو)” وهذه الحقوق توافقت عليها مكونات الدولة بدءاً من رئيس مجلس السيادة ووزارة المالية.. وقد أرجأت تنفيذ عدد من البنود إلى مطلع العام القادم بحول الله “..
وما يبين الآن؛ ليست هنالك أي تحركات من وزارة المالية فيما يخص وعدها الذي قطعته مع الأساتذة” لذلك وجب أن يلجأ الأساتذة لخيار الإضراب وهو أسلوب راقي جداً يشبه قيمة الأستاذ لنيل حقوقه.. لذلك نتوقع إعلان الإضراب التام في هذه الأيام حسبما إفادة لجنة أساتذة الجامعات السودانية لاجسو.
في تقديري حتى الإضراب وعلى سلميته فقد أجبر الأساتذة عليه، وليعلم الجميع أن الأستاذ هو أساس العملية التعليمية على مستوى الخدمة المدنية في الدولة، ولذلك يجب توفير البيئة الملائمة للأستاذ الجامعي ليؤدي رسالته بنجاح لأن نجاح الأستاذ في مهمته ووظيفته يعني نجاح أمة.
د. السماني محمد حمد النيل
أستاذ الإعلام بجامعة الجزيرة