انهدم الجبل.. وينو البِّلم الناس
مهند المقبول
كانت هناك مقولة لا أدري ما مدى صحتها؛ بأن الإنسان: “ثمرة الخطيئة”؟! لذا فإن البكاء قد يريحه خصوصاً عند فقده عزيزاً لديه. لذلك نجد أن أدب الرثاء أو المناحات قديم جداً ويمتد إلى العصر الجاهلي والذي مثلته الخنساء.
مفردة مناحة تجمع “مناحات” ومناوح من الفعل (ناح).. وبالضرورة عند المناحة بأن يكن في مجموعة.
كانت النساء في الجاهلية إذا مات زوجها تقوم بحلاقه شعر رأسها والأكثر من ذاك كله تقوم بتعليق نعلي زوجها على عنقها.
إذاً فحين يأتي للناس هذا المصاب؛ وهذا الفقد تختلف ردود أفعالهم وذلك حسب منزلة الفقيد؛ وما يمثله للشخص من صلة قرابة..
وبالنظر في (أدب المناحات) أو الرثاء نجدها تتصف بصدق الشعور والعاطفة، هذا كله بالإضافة إلى أن كل من شملهم هذا الضرب من الضروب كانوا عظماء وأصحاب مروءة لذلك خلد ما قيل فيهم من قول.
وها هي شاعرة شعبية ترثي عالماً بقولها:
ساقية أبوي طنت دراويش الطرابة هي فينا بتتقنت..
أنا بمدح وبقول والبشاقرة تتصنت قدل شيخي في رباعتو مهيل
كما صاغت الشاعرة شمة السنارية في موسى ود جلي ناظر قبيلة بني جرار أجمل وأروع أدب المناحات وذلك على الرغم من أنها أمية وذلك حسب الروايات والأخبار حيث قالت:
يوم جانا الحصان مجلوب
وفوق ضهرو السرج مقلوب
أبكنو يا بنات حييْ.. ووب
حليل موسى الوسدوهو الطوب
وبالمثل فالنحتشد بجميع حواسنا أمام مرثية بنونة بت المك وهي ترثي المك عمارة والتي يعتبرها الكثير من الناس (أم المناحات) وأيقونتها، وقد أضاف إليها سفير النوايا الحسنة (كابلي الأمة) بصوته الكثير فجسد وجسم فيها كل المعاني.. حيث قالت:
ما دايرالك الميتة أم رماداً شح
دايراك يوم لُقى بدميك تتوشّح
وتظل الأبيات التالية هي إجماع الناس في بكاء الرجل حيث تقول:
أخواتي البنات.. الجري دا ما حقي.. حقي المشنقة والمدفع الثكلي..
وها هو عملاق الحقيبة والمدرسة التطريبية المتفردة والذي بفقده آن الأوان لأغاني الحقيبة أن تنوح لفقد هذا الهرم (بادي) حيث غنى قائلاً:
ببكي وبنوح وبصيح للشـوفـتـن بتـريح فرع النقا المميح مـنو المـسـك بفيح وكتين صباحو يبيح بلـبل قلوبـنا يصـيح..
فما أكثر ما قيل في هذا الشأن، وقصدنا تسليط الضوء على هذا الأدب السامي..
دمتم،،،