حبة سايكو.. القبلية ما بين التعمير والتدمير(1)
د/ زكريا صالح
🌹🌹🌹🌹🌹🌹
القبيلة ركن أساسي في البناء المجتمعي، وتلعب دوراً إيجابياً وكبيراً في تماسك وحفظ المنظومة الاجتماعية ووحدتها وسيادة الروح الجماعية والمعاملات.
والشاهد في الأمر أنه لا توجد مشكلات في انتماء الفرد وفخره واعتزازه بنفسه أو قبيلته أو أسرته!. ولكن المشكلة في التمييز غير الإيجابي وممارسة التعالي والتفاخر والاستعلاء العرقي على الآخر المختلف أو المتفق معه، مما يتسبب في نشوء الصراعات والفتن والتي غالباً ما تبدأ صراعات فردية ولكنها تتمحور وتتحول لتصبح جماعية مدمرة للفرد والمجتمع والبنية النفسية وانتهاك لكرامة الإنسان.
الله سبحانه وتعالى خلق الناس سواسية وفي أحسن تقويم من أجل الإعمار، فالتعمير هو أوجب واجبات الإنسان في خلافة الأرض.
أما التدمير فهو الفساد في الأرض والتخريب وإهلاك الحرث والنسل..
والمتابع لواقع الحياة الاجتماعية في السودان في بعض الولايات يجد التنوع والاصطفاف، والصراعات القبلية، والتنمر القبلي، وتنامي الدور الجهوي والعنصري في الحياة السياسية وصناعة الأزمات والصراعات المدمرة، والمصالح المهددة للنسيج الاجتماعي، والتعايش السلمي والعلاقات الإنسانية.
كما أن ضعف سلطة المركز وغياب دولة القانون ومبدأ عدم المحاسبة على الجرائم الإنسانية ينذر بالحرب الأهلية ويسهم في زيادة الاحتقان الاجتماعي، وبالتالي تزداد نار الفتن والخراب وتشتعل الحروب بين أبناء الوطن وفقاً لمصالح الثروة والسلطة والموارد..
إضافة لغياب هيبة الدولة في مناطق النزاعات وهشاشة الحلول وعدم مخاطبة جذور المشكلات، وسيادة المصالح الذاتية والقبلية على حساب الدين والوطن والضمير الإنساني، كل ذلك يقود البلاد إلى التفكك والمجهول ومرحلة اللا دولة.
التاريخ يعيد نفسه ففي مرحلة ما قبل بناء الدولة الحديثة كانت القبيلة هي المرجعية القانونية والمجتمعية والسياسية في إدارة كل شيء وحفظ الأرض والعرض والتعايش في السلم والحرب، وذلك بفضل رجال الإدارات الأهلية ووعيهم وحكمتهم وخبرتهم في إدارة الأزمات وحل المشكلات.
ولكن أكبر مهدد الآن هو ما نشاهده من مظاهر الاقتتال القبلي وسقوط واضمحلال الدولة، لذلك سوف تصبح القبيلة هي الدولة والانتماء والتكتلات والوزن القبلي هو سيد الموقف..
وهذا يتسبب في فقدان سيادة دولة القانون والمحاسبة والمؤسسات العدلية والسلطات المتخصصة وتنشأ الحروب لأتفه الأسباب والنزاع ما بين القوي والضعيف والخير والشر ويسود منطق البقاء للاقوي وفقاً لقانون الغابة.
إستشاري علم النفس العلاجي
zeekasalih@gmail.com
WhatsApp: 0913404646