نظام الموديل والسبورة التفاعلية بجامعة الجزيرة.. الواقع والمصير
تقرير: راشد حامد عبدالله
الوصول لبيئة تعليمية متطورة تسودها التكنولوجيا، وتحكمها التقنيات الحديثة، هدف دونه جُدُر من التعقيدات المتنامية التي ما اسطاعت كثير من المؤسسات أن تَظْهَرها أو تستطيع لها نقباً..
فالتيارات الاقتصادية العنيفة تجرف الناس بعيداً عن ساحل مطلوبات التقنية عالية الكلفة من أجهزة ومعدات، وسوء الشبكات الاتصالية لعوامل مكانية أو تقنية يُعقِد مهمة الاتصال والتواصل..
إذاً؛ وضع غير مثالي كهذا، يتطلب قناعة راسخة بأهمية التعليم الإلكتروني وأنظمته الفعالة؛ للاستمرار في التبشير به، وإتقان أدواته واستخدامها كوضع مساند إلى حين الوصول إلى تعليم إلكتروني متكاملٍ يبدو أن بينه وبين التحقق- فعلياً- أمداً بعيداً..
وبرزت أهمية التعليم الإلكتروني بشكلٍ أكثر وضوحاً إبان جائحة كورونا التي أجبرت الناس وأطرتهم أطراً على إيجاد أساليب بديلة للتعليم..
**مزايا وخطط
يقول د. جمال أبو إدريس مدير مركز تطوير التعليم الجامعي بجامعة الجزيرة، إن التعليم الإلكتروني يُخفِّض من الكلفة المادية، ويقلل الجوانب الورقية، ويُسهِّل الوصول للمصادر بصورة أكبر. وأصبح من الضرورة الاطلاع على أساسيات التعليم الإلكتروني وأنظمته..
وأبدى أبو إدريس استعدادهم في المركز لإقامة دورة عن الكتابة العلمية، والنشر العلمي في سياق دعم توجه كلية الإعلام نحو المشاريع الممولة من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي..
ويبرز مركزا الحاسوب وتقانة المعلومات، وتطوير التعليم الجامعي، كشريكين لكلية الإعلام في عملية تطوير أكاديمي وجدت تفاعلاً كبيراً من قبل الأساتذة لأهميتها، وما برز من قابلية للتطوير الأكاديمي..
الدورة جاءت في سياق رؤية مستقبلية، وخطة استراتيجية لتطوير وتحديث الكلية وأنظمتها نوقشت على مستوى رؤساء الأقسام، كما ستعرض على أعضاء هيئة التدريس..
دكتور أيمن هاشم عوض الكريم عميد كلية الإعلام، قال إن رؤيتهم تهدف لتحقيق نقلة كبيرة في شكل عملية التدريس، والبرنامج الأكاديمي لبرنامجي البكالوريوس والدبلوم التقني، وإحداث تحول كبير تجاه التعليم الإلكتروني بالإفادة من الوسائل التعليمية.. وإنفاذ خطتهم ورؤيتهم في البحث العلمي، وخدمة المجتمع..
وتسعى كلية الإعلام لتجاوز القصور في جانب المشاريع البحثية الممولة من التعليم العالي عبر إقامة ورشة بهذا الشأن بالتعاون مع مركز تطوير التعليم الجامعي..

**نظام الموديل
نظام “الموديل” واحد من أهم أنظمة إدارة التعليم الإلكتروني التي لا غنى عنها؛ يقول د. قيس الهادي مدير مركز الحاسوب وتقانة المعلومات بجامعة الجزيرة..
بيد أن الأمر يبقى في حاجة لقناعة تبدو متأرجحة ومذبذبة وغير موجودة عند البعض في ظل تعقيدات تتنامى مع الأيام.. فإيجاد نظام الموديل لا يخلو من صعوبات في ظل الوضع الحالي للبلاد.. وثمة آراء تمضي في اتجاه التركيز على برامج الدراسات العليا..
ويعرف الموديل بأنه: “منصة تعليمية، أو نظام للتعليم الإلكتروني مفتوح المصدر”، بحيث يتم تكييف النسخة وفق مطلوبات البيئة التعليمية، واللوائح، والحوجة..
وهو: “مصدر للتعليم الإلكتروني” ونظام لإدارة التعليم الإلكتروني مفتوح المصدر، ومنصة مصممة على أسس تعليمية لمساعدة الطلاب الأساتذة على خلق بيئة تعليمية فعالة، وقد تطور إبان جائحة الكورونا وأصبح من أفضل البرامج..
ووفقاً لإحصائيات رسمية، فإن 311 مليوناً حول العالم يستخدمون نظام الموديل، ويتضمن 40 مليون مقررٍ بلغات مختلفة، ومثبت في حوالي 181 ألف منصة..
ويستخدم “الموديل” لأتمتة الأنشطة التعليمية، وبه نظام لإدارة المقررات، والتعلم، والمحتوى التعليمي.. ويمكن استخدامه لتطوير الأنشطة التعليمية، ويتكون من الدروس لعرض المنهج، والمنتدى لإدارة النقاش، والاختبارات والتمارين..

**فلاش باك
سابقاً؛ قطع مجلس أساتذة جامعة الجزيرة؛ بأهمية التعليم الإلكتروني للجامعة باعتباره متطلباً أساسياً لمواكبة ومسايرة التطور التقني الذي يشهده العالم في هذا المجال؛ وكإحدى البدائل الفاعلة لاستنئاف الأنشطة الأكاديمية في ظل الآثار السالبة التي لحقت قطاع التعليم جراء تفشي فايروس كورونا.
وفي ظل تطورات لم تكن معروفة لجائحة كورونا وقتها، شكلت الجامعة لجنة فنية لبحث خيارات فتح الجامعة ومن بينها التعليم الإلكتروني.
وجرى التأكيد بأنه لا مفر من دخول تجربة التعليم الإلكتروني كمتطلب عالمي للتعامل مع تطورات العصر؛ فلا مجال للعودة من هذا الطريق.
إدارة الجامعة- وقتها- قررت تشكيل لجنة عليا للتعليم الإلكتروني للنظر في إمكانية استغلال وسائله واستئناف الدراسة، حيث أملت ظروف الجائحة التحرك والبحث عن حلول للعملية الأكاديمية ومن بينها التعليم الإلكتروني..
ورغم مواجهة التعليم الإلكتروني- في ظرف البلاد الراهن- تحديات وصعوبات جمة، غير أن الخيارات ظلت معدومة أمامهم سوى السير في هذا الاتجاه وإن تطلب الأمر موارد مالية كبيرة، ومدى زمنياً طويلاً.
اللجنة درست إمكانية تطبيق هذا النظام بالجامعة، وناقشت مواءمة المقترحات المرفوعة من الكليات في هذا الشأن، وسعت للتأكد من استيفائها مضمون وروح اللوائح الأكاديمية والقوانين الأخرى بالجامعة والتعليم العالي..
اللجنة شددت من خلالها اجتماعاتها على أهمية تطبيق نظام التعليم الإلكتروني بكليات معينة بالجامعة لتنفيذ كل البرامج الأكاديمية القابلة للتطبيق..
كما خلصت لتكوين لجان فنية وأكاديمية للمشروع، ولجان لقياس مدى استجابة الطلاب، بجانب لجان للقطاعات الأكاديمية لمشروع التأهيل الإلكتروني بالجامعة.
وأمن أعضاء المجلس على أن التعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد ضرورة لا بد منها في ظل المدى غير المعروف لانتهاء جائحة كورونا، معتبرين ضعف الشراكات والبنية التحتية من أكبر المهددات لهذا العمل..
وحذروا من أن عدم الولوج إلى هذا الأمر قد يؤدي لتراكم الدفعات مما قد يفاقم مشكلة العملية الأكاديمية..
وشددوا على أهمية الترتيب على مستوى الكليات مع مراعاة الطروف الخاصة لكل كلية، وأهمية الجانب العملي داخل الجامعة، وإمكانية الاستفادة القصوى للكليات النظرية من هذا البرنامج.
الشق الثاني من الدورة التدريبية، تضمن محاضرة قدمها الأستاذ مجاهد محمد المتخصص في التدريب على استخدامات وتطبيقات السبورة التفاعلية، حول التطبيقات والبرامج..

**السبورة التفاعلية
السبورة التفاعلية جهاز يصنف ضمن أجهزة العرض الإلكترونية و يعمل من خلال توصيله بجهاز كمبيوتر شخصي وجهاز عرض البيانات DATA PROJECTOR..
وهي مجهزة للإتصال بالحاسب وأجهزة العرض وبمجرد توصيلها تتحول في ثواني إلى شاشة كمبيوتر عملاقة عالية الوضوح..
فضلاً عن ذلك؛ فهي مزودة بسماعات و ميكرفون لنقل الصوت والصورة..
وإذا ماقام المدرس بكتابة جملة أو رسم شكل من الأشكال التوضيحية أو عرض صورة من الحاسب أو الإنترنت، فيمكنها على الفور حفظها في ذاكرتها ونقلها إلى حاسبات التلاميذ والطلاب إن أرادوا..
ويمكن لأي طالب أن يبعث بما لديه من ملاحظات ومساهمات في الدرس لتعرض على السبورة إذا ماكان لديه حاسب أو قام بإعدادها على حاسب منزله وأتى بها على وسيط تخزين ونقلها لحاسب المدرس.
**مطالب للتطوير
المشاركون في الدورة شددوا على ضرورة إيجاد آليات لإتقان التعامل مع كل التقنيات الحديثة التي أصبحت مطلوبات أساسية في التعليم على مستوى العالم..
ويتطلب الحصول على شهادة تدريب معتمدة في السبورة التفاعلية، الخضوع لدورة تدريبية لا تقل عن ٤٥ ساعة..
وأصبح إتقان التعامل مع السبورة التفاعلية واحدة من اشتراطات استيعاب أعضاء هيئة التدريس في الجامعات الخارجية..
**الواقع والمصير
وبالنظر لواقع الجامعة التقني فما زالت برامج التعليم الإلكتروني ترواح مكانها وتتجاذبها المعضلات، وتيارات الرفض من بعض الفئات بينها طلاب تعجزهم الإمكانيات، ومع ذلك حققت اختراقاتٍ في كليات أسندت بها نشاطها الأكاديمي..
ويبقى الإيمان بالفكرة حاضراً وأهمية تطبيقها أكثر حضوراً في ظل توجه عالمي لا سبيل غير مسايرته ومواكبته للحاق بالركب، فقد أصبح دمج التكنولوجيا في العملية التعليمية توجهاً عالمياً.
وأصبح توفير المادة التعليمية من خلال الأجهزة المحمولة يشكل عاملاً محفزاً للتعلم بدلاً من الاكتفاء بالدراسة التقليدية، فبها ينمّي معرفةً ومهارات مناسبة تؤهله لتلبية احتياجات سوق العمل.
وتدفع الأزمات التي تواجه القطاع التعليمي- التعلم الإلكتروني باستمرار؛ نحو الواجهة، ليغدو خياراً لا بديل عنه (إلا في حالة انعدام البنى التحتية). وستواجه الجامعة تحديات كبيرة لمواكبة هذا التحول..
فهناك صعوبات تواجه هذا النوع من التعليم وهو ضعف القدرات لدى التلاميذ والطلبة سواء ضعف شبكة الإنترنت أو غياب وسائل التكنولوجية الحديثة أو الإقامة في مناطق ضعيفة التغطية إلى غير ذلك من الأسباب الموضوعية والتقنية وحسب قدرة كل دولة ومدى تحكم الأستاذ والطالب في تكنولوجيا التعليم الإلكتروني.
وتبقى الأسئلة حاضرة تدور في خلد الكثيرين عن فعاليته كبديل كلي للطرق التقليدية ومدى الاستعداد لذلك؟ وما هي التحديات التي تواجه التعليم الإلكتروني؟


