مشروع الجزيرة.. حُلمُ “الشرايين السوداء”
تقرير: راشد حامد عبدالله
طوال عقد من الزمان تعرّض مشروع الجزيرة أكبر صرح اقتصادي في البلاد؛ لدمار ممنهج.. إشارة بدت الأكثر وضوحاً في حديث محافظ المشروع د. عمر محمد مرزوق حول الواقع على الأرض وما يفرضه من إعلان استمرار الحملة القومية للإعمار والتأهيل..

حملة انطلقت في ظل تدهور أصاب البنية التحتية، ولاقت تجاوباً كبيراً من قطاعاتٍ سودانية عريضة؛ في مقدمتهم المزارعين الذين جمعوا نصف جوال قمح، بجانب دعومات العاملين، وشركاء الإنتاج، والمؤسسات..
نائب رئيس مجلس السيادة كان قد دعم المشروع بمتحركاتٍ، وكذلك شركة دال التي قدمت دعماً عينياً ومتحركات وأرشفة لدار الوثائق.. وأسهمت الدعومات في صيانة وتأهيل 120 منزلاً، و50 مكتباً بالغيط وتوصيل الخدمات الأساسية دعماً لاستقرار العاملين بمناطق الإنتاج، وتقديماً لخدمات الإرشاد والوقاية، وإكثار البذور، وإدخال التقانات..
مرزروق أكد أن عزيمتهم لن تلين في مواجهة التحديات، أو تنكسر أمام القيود، وأنهم سيمضون قُدماً نحو إعادة بناء المشروع، والتأسيس لانطلاقة قوية نحو آفاق أرحب تواكب التطور الذي يشهده العالم..
أروقة المشروع شهدت تدشين سفلتة 29 طريقاً زراعياً بطول 410 كليو متر بتمويل من وزارة المالية والتخطيط الإقتصادي الإتحادي بمبلغ 146 ترليون جنيه..
وعدّه المحافظ يوماً تاريخياً هاماً، ونقطة انطلاقة للتنمية الحقيقية الشاملة بمشروع الجزيرة، عوضاً عن ربط قرى المشروع اجتماعياً، واقتصادياً، وربط مواقع الإنتاج، والإستهلاك، والصادر لكل مدخلات ومنتجات المشروع..
وقطعت مساعي إدارة مشروع الجزيرة عبر لجنتها القانونية، الطريق أمام تحويل المشروع لهيئة عامة وذلك بفضل الدفوعات والمستندات المؤيدة التي قال مرزوق إنه تم الدفع بها للجهات المختصة..
وفي الأثناء؛ يجري الإعداد لاستراتيجية لمشروع الجزيرة افتقر إليها منذ تأسيسه في العام 1925م، وذلك عبر نخبة من أبناء الجزيرة تصدوا لإعدادها- دون كلفة مالية- حيث وصلت كراسة المواصفات الفنية المراحل النهائية..
ومنذ توليه إدارة المشروع، كانت منظومة العمل الإداري مستندة على قانون 2005م تعديل 2014م.. لاحقاً تم إعداد مسودة قانون في العام 2020م ومناقشتها في مختلف المراحل عبر شركاء الإنتاج خاصة المزارعين والدفع بها لمجلس الوزراء، غير أنها لم تَحظَ بالإجازة..
وأجبر خروج الحكومة من تمويل المشروع بفعل قانون 2005م، الإدارة على البحث عن طرق أخرى لتمويل المشروع..
وإنفاذاً لبرنامج التصرفات في الحواشات، تم إعداد التنازلات والمباردات وإحياء جوانب اجتماعية توقفت لنحو ربع قرنٍ من الزمان، وتشكلت لجنة فنية خاصة بأصحاب الملك الحر الذين مضت عليهم أكثر من 45 عاماً دون أن يتحصلوا حقوقوهم، وقد حددت اللجنة المبالغ الفنية للفدان ورفعت توصياتٍ بشأنها لوزارة الزراعة للدفع بها لوزارة المالية..
مرزوق تحدث عن إنشاء وحدة لتقنية المعلومات لمواكبة التحول الرقمي والزراعي على مستوى الرئاسة والغيط، وحوسبة العمل الإداري، والإجراءات المالية، والتحصيل الإلكتروني تمشياً مع النظام الإلكتروني بوزارة المالية..
المشروع شهد كذلك زياراتٍ من دول أمريكا، وفرنسا، وتركيا، وإنجلترا ممثلة في اللجنة الاقتصادية بالأمم المتحدة لشمال إفريقيا وذلك لاستقطاب التقانات.. ومن نتائج الزيارات إنشاء شركة بين إدارة المشروع ومجموعة اتراكيا التركية لتجميع الآليات الزراعية بموقع الحصاحيصا، وإدخال إنتاج التقاوي المحسنة بكل المحاصيل..
**مائتا كيلومتر
والي الولاية إسماعيل عوض الله العاقب؛ قال إنهم تحصلوا مع مسؤولين بالري على الدراسة الكاملة بكل بنية الري بمشروع الجزيرة بكلفة تبلغ 270 مليون دولار موزعة على خمس سنوات كأولى خطوات تأهيل المشروع، وحتى أبواب الترع المسروقة، والجدُر الخرسانية المتصدعة، والبيوت المنهارة، والترع الرئيسة والفرعية، ستكون مشمولة بذلك..

وفي شأن الطرق، تحدثت جهات اتحادية عن مائتي كيلومتر إضافية تشكل مرحلة ثالثة مكملة لمرحلتين سابقتين قوامهما 410 كيلومتراً من الأسفلت ظلت حبيسة بوزارة المالية منذ العام 2016 وخرجت منها بعد جهودٍ مضنية..
المائتا كيلو المشار إليها وبحسب تأكيد العاقب، تدخل فيها مناطق غرب الجزيرة التي قال إنهم يهتمون بها غاية الاهتمام، بيد أن الأمر يبدو مغايراً في نظر مواطنين بهذه المناطق..
وتلي الطرق الزراعية مشروع الجزيرة، فيما تلي الولاية متبقي الطرق، وهي معنية بحسب واليها بربط مختلف المناطق بالطرق الرئيسة..
وبحسب مسؤولين اتحاديين من المنتظر بدء العمل في طريق المناقل إنفاذاً لتوجيهات سيادية، بالإضافة لطرق أم القرى، والهلالية تمبول دورها، ومن المتوقع أن تبدأ الأيام القادمة، أعمال سفلتة لطرق داخلية..
في غضون ذلك؛ دخلت السكة حديد طرفاً في اتفاقٍ بين الولاية، والمشروع لترحيل المدخلات، والمنتجات من وإلى الولاية..
**تأهيل طريق مدني المناقل
وتدعم وزارة البنى التحتية والتنمية العمرانية والطرق والجسور، والهيئة القومية للطرق، وتُشرف فنياً على تنفيذ المشاريع حسب المواصفات الفنية.

ويتحدث المهندس عبدالله يحي وزير التنمية العمرانية والطرق والجسور، عن ما أسماه ثورة تنموية للبنية التحتية خاصة الطرق في كل السودان بدأت مطلع العام 2023م..
ويجري الترتيب لتوقيع عقوداتٍ لإنشاء طرق قومية في الشرق، وجنوب وشمال دارفور، وتأهيل طرق بسنار، ونهر النيل، ومختلف المناطق من أجل ثورة تنموية للنهوض بالبلاد..
وفي الجزيرة تم تدشين مرحلتين من الطرق بطول 371 كيلومتر، وكلفة تبلغ 138 ملياراً اكتملت إجراءات تمويلها من وزارة المالية والاقتصاد الوطني..
وأعلن الوزير تدشين عمليات تأهيل كامل لطريق مدني المناقل الأيام القادمة..
وكعمادٍ للاقتصاد القومي؛ فإن هذه الطرق ستُعمق التواصل، وتعمل على نقل الإنتاج إلى مراكز الصادر، وتنشيط الزراعة والإنتاج..
ويبقى إصلاح قطاع النقل، وتهيئة بنياته التحتية من طرق، وسكك حديدية، هو العامل الحاسم في تحقيق تنمية اقتصادية شاملة حقيقية..
وتبرز السكة حديد كقطاعٍ بالغ الأهمية في التنمية الاقتصادية، وحلقة مكملة لمنظومة الطرق في نقل مدخلات الإنتاج للمزارعين، ومنتجاتهم لأسواق الصادر، ومناطق الإستهلاك المحلي، علاوة عن ربط القرى التي تمثل في نظر وليد محجوب مدير عام سكك حديد السودان، التنمية الاقتصادية للجزيرة..

**بداية الإصلاح
ورأت د. عبلة مالك وكيلة وزارة الزراعة والغابات المكلفة، في تدشين الطرق الزراعية بمشروع الجزيرة، حدثاً يمثل الإنفراجة الكبرى لمشروع هام يعُدُّ عمود الأساس للعمل الزراعي في البلد، وقد لعب دوراً كبيراً في دعم الاقتصاد السوداني على مر السنوات..

وأضافت أن هذا العمل يمثل الخطوة الهامة لبداية مسيرة إعادة المشروع لسيرته الأولى، وإعادة الحياة إليه، فتحسين البنية التحتية للمشروع، وإعادة تأهيل الطرق كشرايين مغذية هي المفتاح الأساس للإصلاح..
وأبدت سعادتها لاهتمام الدولة بمعالجة مشاكل المشروع، وقالت: “لتعلم الدولة أن كل قرشٍ يصرف على المشروع سيعود مضاعفاً عليها”..

وينظر المهندس مستشار قسم الله خلف الله بوزارة الري والموارد المائية لتدشين الطرق الزراعية بأنه عامل رئيس في احتواء التفلتات وتسهيل مهمة تأمين المشروع..
يضاف إلى ذلك تسهيل حركة مهندسي الري، والإدارة الزراعية ويتيح التحكم الحقيقي في إدارة المشروع، وزيادة الإنتاج والإنتاجية.. مضيفاً أنهم في الري داعم حقيقي لإدارة المشروع لإنشاء هذه الطرق..
**تراجع المساحات الزراعية
ويبتدر فريق عمل مشترك ما بين إدارة المشروع، ووزارة الري، طوافاً ميدانياً بأقسام وتفاتيش لحل مشاكل الري بالمشروع..
بينما ستتقصى أتيام الحقائق حول عمليات الري للتفاتيش، وعمليات النظافة للترع والقنوات الرئيسة والفرعية لتتكامل منظومة العمل المشترك مع اللجنة العليا للطواف على المشروع، وإنجاح الموسم الزراعي الشتوي الحالي..

تتشكل اللجنة من الشرطة، وجهاز المخابرات الوطني، والاستخبارات العسكرية، والأمن الاقتصادي، ووزارة الري والموارد المائية..
وتنعقد المشاورات للقيام بزيارات ميدانية لبحث مشاكل الري والاختناقات بالترع، والقنوات، والتعديات، على المُنظِمات، والأبواب بالقناطر، والتفاتيش..
ويتحدث المهندس مصطفى إبراهيم مدير الإدارة الزراعية بمشروع الجزيرة، عن خروج ما يزيد عن (300) فدان عن دائرة الإنتاج بالمشروع، وتضرر مزارعين في الموسم السابق بسبب التمويل الحكومي من وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي عبر البنك الزراعي السوداني..
فالدولة الآن، توقفت عن تمويل الزراعة بمشروع الجزيرة..
مصطفى دعا لإيجاد وسائل بديلة للتمويل الحكومي والرسمي من الدولة كالتعاون مع المستثمرين بالداخل والخارج والشركات العاملة في مجال القطاع الزراعي والانتاج والإنتاجية.
وتتجه الإدارة الزراعية؛ لزراعة 300 ألف فدان قطن، وإدخال محاصيل زهرة وعباد الشمس، وفول الصويا في الدورة الزراعية التي دعت المزارعين للإلتزام بها..
وتضع في خطتها زراعة 350 ألف فدان بمحصول القمح هذا الموسم مقارنة مقارنة بأكثر من مليون فدان العام السابق..
وتهتم الإدارة بزراعة المحاصيل النقدية، والاستراتيجية الهامة كالقطن، والذرة، والقمح، والفول السوداني، والخضروات للصادر..









