الهيكل الراتبي لأساتذة الجامعات.. آليات الحماية وفرص التطبيق

0 347

تقرير/ راشد حامد عبدالله

باستمرار؛ ظلت موجات التضخم تبتلع الهيكل الراتبي للعاملين بالخدمة المدنية بالسودان لافتقاره لأبسط آليات الحماية المرتبطة بقيمة الدولار، وقياس أسعار السلع والخدمات، وهو ما حاولت لجنة الإعداد للهيكل الراتبي وتحسين شروط خدمة أساتذة الجامعات تفاديه في مقترح هيكل الأجور الجديد الذي يمنح البروفيسور (633) ألف جنيه شهرياً، مقابل (561) ألف جنيه للأستاذ المشارك، و(485) ألف جنيه للأستاذ المساعد، و(326) ألف جنيه للمحاضر، و(210) ألف جنيه لمساعدي التدريس الفئة (أ)، و(177) ألف جنيه للفئة (ب)، و(154) ألف جنيه للفئة (ج)..

*الراتب الأساسي

وبحسب د. سليمان خلف الله عضو لجنة الإعداد للهيكل الراتبي لأساتذة الجامعات، فإن الراتب الأساسي المتضمن ” الابتدائي وغلاء المعيشة” للبروفيسور يبدأ من (206- 232) ألف جنيه نظراً لاستحقاقه علاوتين، وينطبق ذلك على الأستاذ المشارك الذي يبدأ راتبه الأساسي من (174- 195) ألف جنيه. بينما يبدأ راتب الأستاذ المساعد من (140- 165) ألف جنيه لاستحقاقه أربع علاوات، بجانب المحاضر الذي يبدأ راتبه الأساسي من (100- 124) ألف جنيه، بالإضافة لمساعد التدريس الفئة (أ) الذي يبدأ راتبه من (75- 84) ألف جنيه، والفئة (ب) من (60- 67) ألف جنيه، والفئة (ج) من (50- 56) ألف جنيه..

*حقوق مكتسبة

ووفقاً لخلف الله الذي تحدث في مؤتمر صحفي عن الهيكل الراتبي بالقاعة الدولية بود مدني؛ فإنه تتأسس على الراتب الأساسي علاوات منصوص عليها في شروط خدمة الأستاذ الجامعي، حيث تقرر منح البروفيسور، والأستاذين المشارك، والمساعد- لطبيعة عملهم الواحدة- ما جملته (170) ألف جنيه شهرياً تتضمن (25) ألف جنيه بدل ترحيل، و(75) ألف جنيه بدل سكن، و(5) آلاف جنيه بدل تمثيل، ومثلها علاوة، بجانب (10) ألف جنيه بدل عمل تطبيقي، و(10) ألف جنيه بدل عمل تنفيذي، و(20) ألف جنيه بحث وكتب، و(20) ألف جنيه بدل دراسات عليا. فيما تقرر منح المحاضر (101) ألف جنيه شهرياً، مقابل (42) ألف جنيه لمساعدي التدريس بمختلف فئاتهم..

ويحصل البروفيسور على أجر أساسي (206) ألف جنيه، وبديل نقدي (824) ألف جنيه، وبدل لبس (412) ألف جنيه، ومنحة عيدين (618) ألف جنيه؛ بإجمالي: (1.854) مليون جنيه في العام، و(154.500) جنيه شهرياً..

وكان الهيكل الذي أقرته المالية في وقت سابق وحدد “الابتدائي وغلاء المعيشة” بمبلغ (27) ألف جنيه، أهمل العلاوات الأساسية للأستاذ الجامعي ومن بينها البحث والكتب، والعملين التنفيذي والتطبيقي، والدراسات العليا، والسكن، وهي حقوق مكتسبة لا يليغيها حتى القانون.. ولما افتقر هيكل البدوي وحمدوك الذي منح البروفيسور (61) ألف جنيه، والأستاذ المشارك (50) ألف جنيه، والمساعد (44) ألف جنيه، والمحاضر (31) ألف جنيه، ومساعدي التدريس (24) ألف جنيه، لآليات الحماية سقط في أول موجة تضخم ضربت الاقتصاد السوداني.

*إنفاذ الهيكل

ومن المنتظر بحسب ما ذكره عضو اللجنة؛ إنفاذ الهيكل الراتبي وفق المقترح الجديد بعد الربع الأول في ميزانية العام 2022م، غير أنه حال إجازته يظل استحقاقاً يبدأ منذ يناير من العام القادم.. واستندت اللجنة في وضعها لمقترح الأجور على الهيكل الراتبي لأعضاء هيئة التدريس الوارد في الهيكل الموحد للدولة أو ما يُتعارف عليه بهكيل “بدوي”.. ويعول الاتحاد كثيراً على شروط الخدمة كآليات فاعلة لحماية الهيكل الراتبي، كما ودفع الاتحاد المهني بتوصية تقضي بعدم إحالة الأستاذ الجامعي للمعاش..  

*صراع سياسي

وتبرز قضية الأجور كحلقة صغيرة في ساحة صراع يتخذ طابعاً سياسياً بامتياز.. وسابقاً؛ وعقب صدور قرارٍ في 2017م- 2018م باستثناءات من هيكل الدولة، نجحت العديد من الجهات في الخروج من قفص الخدمة العامة، حيث اتخذت لها هياكل خاصة حمتها بسياجٍ قانوني.. وبناءً على نقاشات أثيرت في لجنةٍ فنية لإعداد الهيكل الراتبي تشكلت بموجب القرار رقم (142) الصادر من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي أواخر أغسطس 2021م، تم الدفع بالعديد من التوصيات في شأن الأجور..

وبموازاة ذلك تصدرت لجنة أساتذة الجامعات السودانية المعروفة اختصاراً بـ”لاجسو” المشهد بوقفة احتجاجية أمام مجلس الوزراء، ورفعت مسودة هيكل راتبي حددت فيه الفئات، واشترطت فيه بشكل “قاسٍ ولئيم”- حسب وصف خلف الله- تحقيقه أو الدخول في إضراب.. واستبعد الرجل إجازة مقترحهم هذا وإن استمر الإضراب ثلاثين عاماً، ويرى في “لاجسو” امتداداً طبيعياً للجنة الهيكل الراتبي المُكونة في النظام البائد، وفي نظره أن هذا التوقيت لإعلان الإضراب له دلالته بالنظر إلى مسيرة عمل بدأت منذ الربع الأخير من يونيو 2019م غير أنها لم تطفو للسطح إلا في هذا الظرف السياسي بالغ التعقيد..

*معالجات إسعافية

وتظل مخاوف عدم تطبيق الهيكل الراتبي الجديد لأساتذة الجامعات حاضرة بقوة في ظل مبالغ مهولة يتعين على الدولة توفيرها للإيفاء بحقوق (1060) بروفيسور، و(3186) أستاذاً مشاركاً، و(6695) أستاذاً مساعداً، و(6048) محاضراً، بالإضافة لعدد (648) من مساعدي التدريس الفئة (أ)، و(136) الفئة (ب)، و(698) الفئة (ج)، و(668) من الفئة (د) في الجامعات السودانية..  

ودفع الاتحاد المهني بمقترح معالجات اسعافية شهرية إلى حين دخول الهيكل الراتبي حيز التنفيذ يقضي بمنح البروفيسور (95) ألف جنيه، والمشارك (83) ألف جنيه، والمساعد (68) ألف جنيه، والمحاضر (61) ألف جنيه، ومساعدي التدريس (41) ألف جنيه؛ وذلك عن أشهر: “سبتمبر- أكتوبر- نوفمبر- ديسمبر”.. وإن دار حديث طويل بأن هذه الخطوة ستفتح الباب على مصراعيه أمام مطالبات مماثلة من جهات أخرى، إلا أن الاتحاد المهني لأستاذة الجامعات يرفض تحميله هذا الوزر..

* ضمان التطبيق

 ويدّخر الاتحاد المهني بحسب تطمينات عضو لجنة إعداد الهيكل الراتبي أدواتٍ وخططاً سيضطر للدفع بها حال نكصت الدولة عن التطبيق؛ ومن بينها إضراب ليس كإضراب “لاجسو” على حد تعبيره.. واعتبر استعداد وزارة المالية للموافقة على مقترح الإجور إن موّلته الجامعات، نوعاً من “الصفاقة”؛ لجهة أنها لا تتلقى شيئاً من فصول ميزانية الدولة سواءً الأجور، أو التسيير، أو التنمية، وإنما ينوبها دعم فقط.. ويبقى على الدولة أن توفِّر هذه المبالغ وليس من مسؤولية الأساتذة من أين تأتي بها وإن استدعى الأمر تحويل جزءٍ من ميزانية مجلس السيادة لفئة العلماء لإنتاج دولة متقدمة، راسخة، وثابتة الأركان..

ويبقى القصد من تحسين الهيكل الراتبي هو: ضمان عيش كريم، وتأمين متطلبات الحياة الضرورية في وضعية اقتصادٍ يعاني دماراً شاملاً في قطاعاته الإنتاجية؛ ما يحد من القدرة على التعامل مع التضخم وتقلباته، ويرى خلف الله أن هنالك إشكالاتٍ وصراعاتٍ سياسية، وتآمر فلول، يجعل مجلس الوزراء ينتبه للهيكل الراتبي لأساتذة الجامعات.. ومع تآكل عِدة الأيام المحددة لرفع الإضراب، تُثارُ المخاوف والأسئلة: عن: ثم ماذا بعد ذلك؟ فالمُرجح أن تعود الأزمة للمربع الأول خلال الربع الأخير من أكتوبر الجاري؛ في ظل حلول يُستبعدُ أن تكون آنية كما تطمح “لاجسو” ليزداد المشهدُ تعقيداً، وتوتراً، وانسداداً لأفق الحل..

Leave A Reply

Your email address will not be published.