ملتقى خريجي “معهد التربية” يناقش مشروع “التربية الوالدية”

0 202
خريجو معهد التربية بخت الرضا

رصد: راشد حامد عبدالله

على طاولة الملتقى السادس لخريجي معهد التربية “مبروكة” بخت الرضا، طرح البروفيسور محمد صالح عبدالرؤوف مشروع التربية الوالدية.

واستهل البروف حديثه بالإشارة إلى فقدان البيت، والمدرسة؛ دورهما بالكامل في مجال التربية، طارحاً فكرته بتصميم برامج للأمهات، والآباء على أساس أن التربية أصبحت علماً ومسؤولية للتربويين لتوصيل المعرفة للبيت السوداني ليقوم بدوره بطريقة علمية في التربية..

وقال إن التساؤل يتركز حول: هل الأمهات والآباء على اختلاف مستوياتهم التعليمية، يمكن أن يستوعبوا ما تقدمه الجامعات في مجال علم النفس، والتربية، وغير ذلك؟.

البروف أشار لوضعه افتراضاً مبنياً على الآية القرآنية: (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۙ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) النحل: 78.

واعتبر أن التدريس في الجامعات يستند على السمع، والبصر، بينما يغيب الجانب الوجداني المتعارف عليه بـ”الذكاء الوجداني العاطفي”..

وأكد إمكانية أن يكون استيعاب الأمهات كبيراً جداً من خلال البرامج المقدمة لهن في جانب “الذكاء الوجداني العاطفي” بما يُسهم في رتق الهوة بالنسبة للمستوى التعليمي، لجهة أن الجانب الوجداني أصبح مجال تدريس؛ وطريقة، وأسلوباً في التعليم..

وقطع المتحدث بأن المخاطبة العاطفية والوجدانية للوصول لقلوبهم أكثر من عقولهم، يمكن أن تؤدي دوراً كبيراً بحسب ما أثبتته دراسات في علم النفس التربوي.
الجزء الأول من التجربة لقياس استيعاب الأمهات؛ تم بمنطقة المدينة عرب لمدة ثلاثة أشهر، بجانب حي الإنقاذ والذي غطى فئة كبيرة من سكان المنطقة..

يقول المتحدث أن جانباً من التفاعل مع محاضرات حول المراهقة، أظهرت غياب كثير من مفاهيم التعامل مع هذه الفئة العمرية في النواحي التربوية..

وتَطَلب الاستمرار في مشروع التربية الوالدية من بروفيسور عبدالروؤف الكثير من التضحيات من بينها الدفع باستقالته من عمله في المملكة العربية السعودية رغم عائده المادي الكبير المقدر بـ(18) ألف ريال..

غير أن حماسته لتنفيذ المشروع اصطدمت بعدم تجاوبٍ من وزارة التربية التي ادّعت أن هذا الأمر ليس من اختصاصها.. وعلق المتحدث على ذلك بقوله: “هنالك عثرات في الطريق من ناحية الاستفادة من بعض المؤسسات، دون أن نعلم السبب”..

وأسقط البروفيسور عبارة “من أجل إصلاح الذرية” لما شعر بوجود تعثر وسوء فهمٍ حولها، ليكتفي بمشروع التربية الوالدية..

ودخل مشروع التربية الوالدية في تجربة ثانية تأسست على عشر وحدات تغطي الجانب الديني، وعلم النفس التربوي، والتوجيه، والإرشاد، والمشكلات السلوكية، والتربية الخاصة، وتشمل التجويد للأم والأب لتلقين الأطفال القرآن مجوداً كحق وواجب على أبيه أن: “ينتقي أمه، ويُحسِنّ اسمه، ويعلمه القرآن”. كما يشمل تعليم فقه العبادات، والسيرة النبوية، وتربية الأولاد في الإسلام..

وعلى مدى أربعة أشهر، تم تنفيذ التجربة بمنطقة مهلة، وتم توزيع “استبيان” للتقييم، ومعرفة مدى الاستفادة، والرغبة في الإفادة من هذا الأمر. وقد خرجت الدراسة بنتائج وصفها المتحدث بالممتازة والمؤيدة للفترة التدريبية، وأنهم بحاجة لها إن أتيحت لهم فرصة الاستمرار بدورات مماثلة مستقبلاً، كما أوصوا بتعميم التجربة على السودان..

وجاء عرض البروفيسور للتجربة بالملتقى السادس لخريجي معهد التربية “بخت الرضا” لقياس رأي المشاركين حول إمكانية تنفيذ المشروع على مستوى السودان..

يقول المتحدث أنهم أخضعوا الأمهات لدراسة “القاعدة النورانية” لما فيها من نهج مميز جداً لتعليم الأطفال قراءة القرآن، حيث جرى قياس التجربة بأحد مساجد المدينة عرب وتطبيقها على الآباء لمعرفة مدى استعدادهم لتعلمها..

ومن خلال النتائج؛ ظهرت القابلية الواسعة وسط النساء، على عكس الرجال الذين لم تكن لديهم رغبة مطلقاً للتعلم وكانوا الأكثر بعداً عن حضور تدريب “تعليم الأولاد القرآن”..

ويعلق البروف على هذه الجزئية بقوله: “الوالدان في القرآن يُقصد بها الأمهات أولاً ثم الآباء، أما عبارة الآباء؛ فتعنيهم أولاً ثم تأتي النساء، ما يؤكد أن تكون الأولوية في هذا المشروع للنساء..

جانب من المشاركين في النقاش؛ عذروا الآباء لظروفهم العملية، وابتغاء الرزق، والظروف السياسية والخطاب غير الواضح.. ولجهة أن الأم هي المشرفة على التربية، والواجبات المدرسية..

آخرون نادوا بإعادة كليات المعلمات، ومعاهد التربية لتدريب المعلمين، وتدريب الأمهات باعتبارها المعلمة الأولى، وباعتبار البيت المركز الأساس للتعليم، وأحد عوامل الحصول على نتائج تربوية جيدة..

وطالب معلمون بتكوين مجالس للأمهات لما حققته تجارب سابقة من نجاحات باهرة، وقد سبق لمعلمين بالشبارقة ابتدار تكوين مجالس للأمهات حققت نجاحاً كبيراً وصلت في بعض مراحلها إلى بناء فصول دراسية.. مؤكدين أن نهضة التعليم في السودان “واجب” وأن عدم استشعار ذلك من المؤسسات التعليمية ينطوي على قصور في التربية والتعليم.. 
وطالبوا البروف بضرورة الاستفادة من خبراته وتجاربه مع ذوي الاحتياجات الخاصة في إنفاذ برامج في هذا الجانب..

ونوه متحدثون إلى أن أسباب فشل التعليم في السودان تعود لمدير المدرسة باعتباره الموجه، والفني، والمشرف التربوي، وهذا الرأي يمثل عصارة تجربة معلمين امتدت عشرات السنوات، ما يحتم النهوض بالمدارس لتحقيق الأهداف التعليمية والتربوية..

وأعلن قادة تعليم دعمهم لمشروع التربية الوالدية؛ والشروع في تنفيذ حلقات تجويد للنساء بالمساجد ابتداءً بالجزيرة، ومن ثم تعميمها على الولايات، وألمحوا إلى ضرورة البحث عن جهات داعمة للمشروع بالوسائل المناسبة والفعالة سواءً برامج، أو كتب..

وجرى التشديد على أن المدرسة والبيت والتربية الوالدية، “صنوان” في عملية التربية للتلميذ، وأن لهما أدوار مكملة.. قاطعين بأن “التربية الوالدية” من صميم عمل التربية والتعليم، بجانب المناشط التربوية التي تمثل ما نسبته 65% من العملية التربوية.. مجددين التأكيد بأن “التربية الوالدية” عملية لا ينكرها إلا الجُهلاء، ولا يواجهها بالرفض إلا من لا يفقه ولا يعي دوره تجاهها، مشددين على ضرورة أن لا تثني هذه العثرات البروف عن المضي في المشروع..

وبرز إجماعٍ كامل من خلال نقاشات الملتقى السادس لخريجي معهد التربية بخت الرضا، على أن مشروع التربية الوالدية يمثل طفرة وتطوراً جديداً بالنسبة للتعليم في السودان، بيد أنه تمت الإشارة إلى ضرورة مناقشة مشكلة وضع المختصين على رأس مؤسسات التربية والتعليم..

Leave A Reply

Your email address will not be published.